اعاد ظهوره في أفريقيا هذه المرة فيروس ماربورغ أحد الفيروسات القاتلة. لذلك وددت إعادة نشر مقال سابق يتحدث عن مدخل إلى الحميات النزفية في موريتانيا 2014.
يدور في موريتانيا هذه الأيام جدل واسع النطاق حول فيروس يسمى ايبولا نسبة إلى وادي نهر إيبولا بالكونغو (زائير سابقا) الذي ظهر فيها لأول مرة عام 1976 ثم السودان وأنغولا وساحل العاج لاحقا. أصله من القردة تتراوح فترة حضانته ما بين 5 إلى 10 أيام والذي عاد للظهور أخيرا في دولة غينيا كوناكري وهو العامل المسبب لأحد أنواع أمراض الحميات النزفية الفيروسية وهو يؤدي إلى تلف جدران الأوعية الدموية وعدم تخثر الدم والنقص في سوائل الجسم.
فما هي الحميات الزفية؟ وماهي أنواعها؟ وكيف تنتقل إلى الإنسان؟ وهل لها علاج وما هي الوقاية منها؟ وهل موريتانيا بلد حاضن لهذه الفيروسات باستمرار حسب تصنيف منظمة الصحة العالمية؟
وفي هذا السياق قدر لي أن أكون المسؤول عن وحدة الحميات النزفية في ما يعرف حاليا بالمعهد الوطني لبحوث الصحة العامة بعد وباء حمى القرم-كونغو الذي أصاب مدينة انواكشوط في شهر مارس 2003 والذي راح ضحيته ستة أشخاص رحمهم الله من بينهم د.ابراهيم ولد محمدن والممرض عمار با أثناء معالجتهما لبعض الحالات بالمستشفى الوطني وقد أهديت لهما كتابا ألفته حول الموضوع نتيجة لأنهما توفيا وهما يؤديان الواجب الوطني لإنقاذ هؤلاء المرضى. فتمت إفادتي رفقة أحد الفنيين إلى معهد باستير بداكار للتدرب على الفحوص المخبرية المتعلقة بهذه الأمراض على حساب التعاون الفرنسي وإثر ذالك استطاعت الدولة أن تقيم مخبرا مجهزا قادرا على تشخيص هذه الحميات.
يرجع تاريخ هذا النوع من الأمراض في موريتانيا إلى ما يزيد على ثلاثين سنة حيث تم تسجيل أول إصابة وتحديدها في شهر مايو 1983 في مدينة سيلبابي كما أنه قد سجل تواجد لهذا الفيروس في بعض المناطق نتيجة لحركة الأشخاص و الحيوانات بحثا عن الكلإ و العشب لكن لم تسجل من بينها حالة إيبولا. وكان آخر ظهور لنوع من هذه الحميات النزفية هو حمى الوادي المتصدع في ادرار السنة الماضية.
تعتبر هذه الفيروسات فتاكة. وهي تسمى حسب المناطق التي اكتشفت فيها فمنها البوليفية والأرجنتينية وغرب النيل ولاسا و القرم-كونغو والماربورغ ... ولا تخلو منها أية قارة. ثم إنها عدة أنواع تنتمي إلى أربع عائلات فيروسية هي: Bounyaviridae, Togaviridae, Arenaviridae , Filoviradae.
وتنتقل أغلب هذه الفيروسات بواسطة المفصليات كالبعوض وكالقراد بأنواعه المختلفة والفئران و الجرذان والحيوانات الأخرى والبرمائيات. ومن أهم أعراض الحميات الصداع وآلام المفاصل وارتفاع حاد بدرجة الحرارة وفي بعض الحالات نزيف ولهذا تسمى حمى نزفية وظهور احمرار على جلد المريض وإسهال وقيئ وتعتبر الإفرازات الدموية وسوائل المريض معدية. وحسب منظمة الصحة العالمية فإن نسبة الوفاة عادة ما تكون مرتفعة وقد وصلت إلى 53بامائة سنة 2001. لا يوجد علاج نوعي لكن يعطى المريض حقن وريدي بالريبافيرين وبلازما خلال فترة النقاهة لتحقيق التوازن بين الشوارد في الجسم.
أما مكافحة انتشار المرض فيتم بالعزل الإجباري مع تطبيق الاحتياطات الخاصة بالإفرازات الدموية وسوائل المريض وتطبيق التطهير المصاحب للإفرازات وفراش وغرفة المريض. القضاء على الحشرات الناقلة للفيروس لتحصين الماشية وعدم ذبح ما هو مريض أو مشتبه به. وهنا يجب التعاون مع مصالح البيطرة والمنمين ورفع مستوى التحسيس الصحي عبر وسائل الإعلام والإتصال المختلفة لجميع أفراد المجتمع عن المرض وأعراضه وخطورته وطرق انتقاله وكيفية الوقاية منه .
إن موريتانيا بلد غير حاضن لهذا الفيروس لكن يفصلها جغرافيا عن مصدر الوباء الحالي (غينيا كوناكري) بلدان هما السنغال ومالي وإن الحركة المستمرة للأشخاص و البضائع والحيوانات عبر الحدود قد يشكل خطرا عليها... لذلك مراقبة الحدود مسألة هامة. والله الحافظ.
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع