💎
وصل هولاكو إلى حلب في المحرم من سنة (٦٥٨هـ)، وحاصرت الجيوش التترية المدينة المسلمة من كل الجهات، فرفضت التسليم، مع أن زعيمها (الناصر يوسف) غير موجود فيها، وهو على بعد (٣٠٠) كيلو متر منها.
وتزعم المقاومة فيها(توران شاه)
عم الناصر يوسف الأيوبي، وهو غير توران شاه التابع لمصر، فهذا سيأتي ذكره إن شاء الله في الدرس القادم، وكان تورانشاه هذا شيخاً كبيراً، ولكنه كان مجاهداً بحق، وليس كابن أخيه.
نصبت المجانيق التترية حول مدينة حلب، وبدأ القصف المتوالي من التتار على المدينة، ولم يفكر أبداً الناصر يوسف في إرسال أي مساعدة لأهل حلب، مع أنها كانت من أهم المدن التي يملكها الناصر يوسف.
💎سقوط ميافارقين أثناء حصار هولاكو لحلب ومقتل الكامل أمير ميافارقين:
في أثناء حصار حلب، والشعب يحاول رد بأس التتار، وصل خبر أليم مفجع إلى المسلمين في حلب، وهو أنه قد سقطت مدينة ميافارقين، ودخلت جيوش التتار الهائلة داخل المدينة بعد حصار بشع استمر عاماً ونصف عام متصلاً بالنضال والكفاح والجهاد، دون أن تتحرك نخوة في قلب أمير من الأمراء أو ملك من الملوك، مدة (١٨) شهراً والناصر والأشرف والمغيث وغيرهم من الأسماء الضخمة يراقبون الموقف ولا يتحركون، ولما سقطت المدينة الباسلة استبيحت حرماتها تماماً، وجعلها أشموط بن هولاكو عبرة لكل بلد تقاوم في هذه المنطقة، فقد قتل أشموط كل سكان ميافارقين، واحتفظ منهم بالأمير الكامل محمد رحمه الله حياً؛ ليزيد من عذابه، وذهب به إلى أبيه السفاح هولاكو وهو في حصار مدينة حلب وسلمه إياه.
فاستجمع هولاكو كل شره في الانتقام من الأمير البطل الكامل محمد الأيوبي رحمه الله، فقيده وصلبه، ثم بدأ يقطع أطرافه وهو حي رحمه الله، ثم أجبره على أن يأكل لحمه، فكان يدس لحمه في فمه رغماً عن أنفه، فكان يقطع من جسمه ويضعه في فمه، وظل على هذا التعذيب البشع إلى أن أذن الله عز وجل للروح المجاهدة أن تصعد إلى بارئها، {وَلا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ} [آل عمران:١٦٩ - ١٧١].
قتل الكامل محمد الذي قاوم كما قتل الخليفة المستعصم بالله الذي سلم دون مقاومة، ولكن شتان بين من مات رافعاً رأسه ممسكاً بسيفه، ومن مات ذليلاً منكسراً مطأطأ رأسه رافعاً يده بالتسليم، وشتان بين من مات بسهم في صدره مقبلاً، ومن مات بسهم في ظهره مدبراً.
والكامل محمد رحمه الله مات في الموعد الذي حدده له رب العالمين، لم يتقدم أو يتأخر لحظة، وكذلك مات المستعصم بالله في الموعد الذي حدده له رب العالمين، لم يتقدم أو يتأخر لحظة، وكذلك سيموت الناصر يوسف الأيوبي الذي خان الأمة بكل أنواع الخيانة في الموعد الذي حدده له رب العالمين، لن يتأخر أو يتقدم لحظة، ولن يطيل الجبن عمراً، ولن تقصره الشجاعة، ولكن أين اليقين؟
استشهد البطل الأمير الكامل محمد الأيوبي، والذي كان بمثابة شمعة مضيئة في عالم كبير جداً من الظلام، وقطع السفاح هولاكو رأسه ووضعه على رمح، وأمر أن يطاف برأسه في كل بلاد الشام، وذلك ليكون رعباً لكل المسلمين، وانتهى المطاف بالرأس بعد ذلك إلى دمشق، وعلِّقَت رأسه فترةً على أحد أبواب دمشق وهو باب الفراديس، ثم انتهى به المقام أن دفن في أحد المساجد، والذي عرف بعد ذلك بمسجد الرأس.
ونسأل الله أن يكون من أهل الجنة.
🌷الدكتور راغب السرجاني
عمر عبد الكافي
16:27
سلسلة التتار من البداية إلى عين جالوت
🎗المحـ6ـاضرة [سقوط سوريا ]
∫∫ الحـ٦٣ــلقة ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -