تأثيرات عكسية محتملة للأغذية على فاعلية العقاقير
بين الطعام و الدواء تفاعلات تتطلب الاهتمام
قد يتفوق المرضى على أطبائهم في الاهتمام بكيفية استخدام الدواء، سواء كان الدواء من النوع الذي يتم تناوله عبر الفم أو الذي يُستخدم موضعياً على مناطق من الجلد أو بالاستنشاق كبخاخ علاج الربو وغيرها من أنواع الأدوية التي تتنوع كيفية استخدامها العلاجي. وكثيراً ما يسأل المريضُ طبيبه: هل أتناول هذا الدواء قبل تناول الطعام أو بعده؟ وبالمقابل كثيراً ما لا يذكر الطبيب لمريضه كيفية تناول كل عنصر من قائمة الأدوية التي يصفها لمريضه.
تناول الطعام والدواء
إن تناول الطعام بطريقة صحية هو أحد وسائل معالجة الأمراض كما أنه أحد وسائل الوقاية من الكثير منها. وتناول الطعام بطريقة صحية يشمل تناول مكونات صحية من الأطعمة المفيدة، ويشمل توزيع وجبات الطعام إلى ثلاث وجبات رئيسية ووجبتين خفيفتين، ويشمل مضغ قطع الطعام جيداً والتأني في تناول الطعام، ويشمل التدرج في تناول وجبة الطعام عبر تناول الشوربة أولاً ثم الطبق الرئيسي، ويشمل أموراً أخرى لا مجال للاستطراد فيها.
وتناول الدواء عبر الفم، أي بلع كبسولة أو قرص أو شراب الدواء، بطريقة صحيحة يشمل التأكد من الدواء والتأكد من الجرعة والتأكد من الوقت الذي يتم التناول فيه، كما يشمل التأكد من عدم تعارضه مع تناول أنواع الطعام والمشروبات التي قد يتناولها المرء، لأن الدواء سيدخل إلى حيث يدخل الطعام وسيتعرض لعملية الهضم أسوة بما يتعرض له الطعام، وسيسلك نفس سبيل الامتصاص وصولاً إلى الدم كما هو الحال مع الطعام.
وما بين تناول الطعام وتناول الدواء علاقة قوية في احتمالات حصول تفاعلات عكسية بينهما، وتتطلب الفهم كما تتطلب اتباع الإرشادات الطبية في ذلك لمنع حصول هذه التفاعلات الدوائية الغذائية.
وكانت إدارة الغذاء والدواء الأميركية FDA، وبالتعاون مع الرابطة الوطنية للمستهلكين بالولايات المتحدة قد أصدرت دليل تجنب التفاعلات الدوائية الغذائية ، وقالت في مقدمة هذه النشرة التثقيفية الموجهة لعموم الناس: «ما تأكله وتشربه يُمكن أن يُؤثر على طريقة عمل الأدوية، ودليل تجنب التفاعلات العكسية بين الغذاء والدواء يُساعد في معرفة ما يُمكنك القيام به لمنع حصول تلك التفاعلات».
تفاعلات دوائية غذائية
وتعرف الإدارة حالة التفاعلات الدوائية الغذائية Food Drug Interaction بأنها تغيرات في كيفية عمل الدواء يتسبب بها الطعام أو الكافيين أو الكحول. ولذا قد يكون التفاعل العكسي بين الغذاء والدواء على هيئة منع الدواء من العمل بالطريقة المطلوبة في الجسم، أو التسبب في حصول تحسّن أو سوء في أحد التأثيرات الجانبية Side_Effect للدواء، أو التسبب بحصول آثار جانبية جديدة. ومن جانب آخر، تضيف إدارة الغذاء والدواء، يمكن للدواء تغير كيفية استخدام الجسم لطعام معين، وهي كلها تغيرات يُمكن أن تكون ضارة.
والواقع أن تناول أطعمة معينة أو مشروبات معينة ليس هو العامل الوحيد الذي يُمكن أن يُؤثر في كيفية عمل الدواء في الجسم أو يُؤثر في احتمالات ظهور الآثار الجانبية أو التفاعلات العكسية، بل هناك عوامل العمر ووزن الجسم والجنس والحالة الصحية للمريض ومقدار جرعة الدواء وتناول أدوية أخرى وتناول أنواع من الفيتامينات والمستحضرات العلاجية العشبية. ولذا على المرء في كل مرة يتناول دواءً معيناً أن يتبع المعلومات الواردة في النشرة التعريفية للدواء وتوجيهات الطبيب المتابع لحالة المريض.
ومن أهم الجوانب المتعلقة بتناول الطعام والدواء هو: هل يتناول المرء ذلك الدواء على معدة خالية أو بعد تناول وجبة طعام؟ وهذا جانب صحي وعلاجي مهم، لأن بعض أنواع الأدوية يُمكن أن تعمل بسرعة أكبر أو أبطأ أو أفضل أو أسوأ بحسب ما إذا تناولها المرء ومعدته خالية أو عامرة بالطعام. وتجدر ملاحظة أن عمل الدواء بـ«سرعة أكبر» لا يعني أن الدواء سيعمل بـ«طريقة أفضل» في الجسم، والعكس صحيح. كما أن هناك منها قد تتسبب بتهييج المعدة إذا ما تناولها المرء على معدة خالية، ولذا يتم تناولها بعد الفراغ من تناول وجبة طعام. كما أن هناك أدوية قد تتسبب بتهيج المعدة إذا ما تناولها المرء على معدة عامرة بالطعام، ولذا قد يتم تناولها أثناء تناول الطعام أو قبل تناول الطعام. وتشير هيئة الغذاء والدواء الأميركية إلى أن تعريف «تناول الدواء على معدة خالية» يعني إما تناول الدواء قبل ساعة من تناول وجبة الطعام أو تناول الدواء بعد ساعتين من تناول وجبة الطعام، أي أن كليهما يكون على معدة خالية.
أطعمة مؤثرة
وتعتبر رابطة القلب الأميركية موضوع تفاعلات الأدوية مع أنواع من الأطعمة، أحد المواضيع الصحية المهمة التي لها تأثيرات على نجاح المعالجة ولها أيضاً تأثيرات في منع أو حصول التفاعلات العكسية بين مكونات الدواء ومكونات الأطعمة. ولذا تقول الرابطة في نشراتها الحديثة: «بعض الأطعمة، وحتى الأطعمة الصحية، يُمكن أن تجعل تناول الدواء أقل فاعلية» في المعالجة وفي تخفيف الحالة المرضية على الإنسان. وتحت عنوان «تفاعلات الأدوية: الأطعمة والمكملات الغذائية وغيره من الأدوية» تقول رابطة القلب الأميركية: «تناول الطعام الصحي مهم في معالجة أمراض القلب، ولكن حتى الأطعمة الصحية مثل الخضراوات والفواكه قد تتسبب بتفاعلات شديدة غير مقصودة ولكنها ممكنة مع بعض أنواع الأدوية، ولعل من أكثر الأنواع التي نعرفها هو الغريبفروت و الرمان، وهما اللذان قد يغيران طريقة عمل أدوية خفض الكولسترول. ومثال آخر هو بعض أنواع الورقيات من الخضراوات، كـ السبانخ و الكرنب، ذلك أن محتواهما العالي من فيتامين «كيه K» قد يتسبب بمخاطر عند المعالجة بتناول أدوية سيولة الدم عبر معارضة مفعول تلك الأدوية.
ولذا هناك ما يُعرف بـ«صناعة حالة من التوازن بين تناول الدواء وتناول الغذاء»، وهو ما يعبر عنه الدكتور وينستن غاندي، طبيب القلب في مؤسسة بيدمونت للقلب في أتلانتا، بقوله: «وجود هذه المخاطر المحتملة لا يعني مطلقاً عدم تناول هذه الخضراوات والأطعمة الصحية، بل هو يقودنا نحو الحفاظ على توازن بعناية بين تناول أدوية زيادة سيولة الدم كعقار ورافرين، وجرعة عقار ورافرين يُمكن ضبطها بما يتناسب مع وجبة طعامك، ولو كنت تتناول السلطة ثلاث مرات في الأسبوع فإنك تستطيع أن تبقي هذا الأمر وتحافظ على تناولك للسلطة». ويضيف: «مفتاح تناول مرضى القلب هو أن يكونوا واعين لوجود هذه المخاطر وأن يتواصلوا مع أطبائهم والصيادلة، ودع طبيبك يعرف نوعية الأطعمة التي تتناولها وأيضاً بقية الأدوية والمكملات الغذائية التي تتناولها».
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع