لكن الإجابات قد تكون أحياناً متناقضة أو ناتجة عن معلومات شائعة في الوسط الطبي قد تكون غير مؤكدة، وغالباً ما ينشأ هذا اللغط نتيجة عدم البحث فيما وراء سبب أخذ الدواء قبل الطعام أو بعده والاكتفاء بالتفسيرات السطحية.
ومن خلال هذا المقال نود أن نبحث في خفايا الموضوع كي نتمكن من إعطاء تفسيرات أكثر عمقاً وإجابات أكثر دقة.
ما هي العوامل الأساسية التي تؤثر على تناول الدواء قبل الطعام أو بعده ؟
1- الامتصاص الأمثل للدواء
2- التأثيرات الجانبية الهضمية للدواء
3- التداخل بين الدواء والطعام
أولاً– الامتصاص الأمثل للدواء :
يتحقق الامتصاص الأمثل للدواء عندما يكون الدواء بشكله الكيميائي غير المتأين لأن الأغشية المعدية والمعوية من طبيعة دسمة، والشكل غير المتأين للدواء هو أكثر قدرة على عبور هذه الأغشية من شكله المتأين وبالتالي هو أكثر امتصاصاً من قبل هذه الأغشية، وإن هذا الشكل غير المتأين يتأثر بطبيعة الدواء فيما إذا كان مادة حمضية أو قلوية.
1- الأدوية ذات الطبيعة الحمضية (acidic): يفضل إعطاؤها مع الطعام أو بعده مباشرة، والتفسير لذلك ما يلي:
تُمتص الأدوية ذات الطبيعة الحمضية بشكل أمثل في المعدة ذات الوسط الحمضي لأنها تتحول في هذا الوسط إلى شكل غير متأين non ionic قابل للامتصاص بشكل أمثل كما ذكرنا، ويبقى السؤال ما دور الطعام في ذلك؟
يبقى الطعام في المعدة مدة ساعتين تقريباً حتى يتم هضمه فيها قبل أن ينتقل إلى الأمعاء ومتابعة عملية الهضم ، وعندما يتم تناول الدواء مع الطعام فهذا يجعله يبقى في المعدة ذات الوسط الحمضي بالفترة نفسها وبالتالي يصبح الدواء بشكله غير المتأين القابل للامتصاص بشكل أمثل، لذلك من المفضل تناول هذه الأدوية مع الطعام أو بعده مباشرة .
ونذكر من هذه الأدوية الحمضية ما يلي:
الأسبرين
حمض الكلافولانيك
الايبوبروفين والديكلوفيناك و كل مضادات الالتهاب غير الستيروئيدية
بعض الأدوية الخافضة للضغط كالكابتوبريل
الكثير من البنسلينات والسيفالوسبورينات كالأموكسيللين والسيفادروكسيل
2- الأدوية ذات الطبيعة القلوية (alkaline) : يفضل إعطاؤها على معدة فارغة قبل الطعام بنصف ساعة أو بعد الطعام بساعتين.
هذه الأدوية تُمتص بشكل أمثل في الأمعاء ذات الوسط القلوي لأنها تتحول في الوسط القلوي إلى شكل غير متأين قابل للامتصاص أكثر، وبما أن الطعام يبقى في المعدة فترة ساعتين تقريباً كما ذكرنا في الفقرة السابقة فإن وجود الدواء مع الطعام سوف يؤخر وصوله إلى الأمعاء ذات الوسط القلوي وتحوله إلى الشكل غير المتأين القابل للامتصاص بشكل أمثل، وبالتالي من المفضل تناول هذه الأدوية على معدة فارغة أي قبل الطعام بنصف ساعة على الأقل أو بعده بساعتين على الأقل وذلك لكي تصل بسرعة أكبر إلى الأمعاء.
وكأمثلة على هذه الأدوية ذات الطبيعة القلوية :
الكثير من مجموعات المضادات الحيوية كالفلوروكينولونات والماكروليدات والتتراسيكلينات
مضادات التشنج
المرخيات العضلية
الباراسيتامول
مثبطات مضخة البروتون كالأوميبرازول واللانسوبرازول
مضادات الهستامين ومضادات الاحتقان
بعض الأدوية الخافضة للضغط كالبروبرانولول والأتينولول
ثانياً- التأثيرات الجانبية الهضمية للدواء :
إذا كان الدواء يملك تأثيرات جانبية هضمية عند أخذه على معدة فارغة فإنه ينصح بأخذه مع الطعام أو بعده مباشرة حتى لو كان امتصاصه الأمثل يتحقق بأخذه على معدة فارغة، وكمثال عن هذه الأدوية :
الميترونيدازول: بالرغم من أنه مادة قلوية و يتحقق امتصاصه الأمثل إذا تم تناوله على معدة فارغة، فإن تأثيراته الهضمية كالغثيان والآثار الهضمية الأخرى المرافقة لتناوله على معدة فارغة تضطرنا إلى أخذه مع أو بعد الطعام مباشرة .
ثالثاً- التداخل بين الدواء والطعام:
إن وجود الطعام قد يكون له تأثير إيجابي على امتصاص الدواء بآلية مختلفة عن الآلية السابقة التي ذكرناها من حيث تأثير الطعام على الشكل غير المتأين للدواء. فمثلاً بعض الأدوية يزداد امتصاصها بوجود الطعام وخصوصاً الأطعمة الدسمة ومثال ذلك :
الغريزوفولفين والفيتامين د: هذه الأدوية ذات طبيعة دسمة قليلة الانحلال في الماء ومنحلة بشدة في الدسم، وبالتالي فإن تناولها بوجود الأطعمة الدسمة يزيد من انحلالها وبالتالي امتصاصها لأنه كلما زاد انحلال الدواء زاد امتصاصه.
لكن في بعض الأحيان يكون وجود الطعام مع الدواء له تأثير سلبي على امتصاص الدواء، فبعض الأدوية قد تتخرب بوجود أطعمة معينة أو تشكل معها معقدات غير قابلة للامتصاص ومثال ذلك:
السيبروفلوكساسين والتتراسيكلين: هذه الأدوية يمكن أن تتداخل مع الحليب والأغذية الحاوية على الكالسيوم والحديد والمغنزيوم والزنك حيث تشكل معها .
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع