Search This Blog

 


💎إعداد هولاكو لغزو الدولة العباسية:

كان هولاكو واقفاً أمام الدولة الإسلامية، ولذلك كان مجال العمل الرئيسي له البلاد الإسلامية، ومعظم الدماء التي أسالها كانت دماء إسلامية، ومعظم الآلام التي زرعها في قلوب البشر كانت آلاماً في قلوب المسلمين، وكأن الحقد الذي كان في قلبه لم يكن كافياً على الأمة الإسلامية،


فتزوج هولاكو من امرأة اسمها طقز خاتون، وكانت نصرانية شديدة الحقد على المسلمين، فاجتمع الحقد التتري مع الحقد الصليبي في مواجهة الخلافة العباسية والشام وما بعدها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.


ومنذ تسلم هولاكو قيادة القطاع الغربي من الدولة التترية وتمركز في فارس بدأ يعد العدة لإسقاط الخلافة العباسية، وبكل أمانة فقد كان إعداده لإسقاط الخلافة العباسية إعداداً مبهراً وعظيماً، وكان رد فعل المسلمين لهذا الإعداد المبهر والعظيم تافهاً وحقيراً جداً،


والله عز وجل له سنن لا تتبدل ولا تتغير، منها: أن الذي يأخذ بأسباب النصر من أهل الدنيا يعطيه الله عز وجل إياه وإن كان كافراً، والذي يتخلى عن أسبابه لابد أن ينهزم وإن كان مسلماً، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ} [هود:١٥].


فـ هولاكو أعد إعداداً جيداً فلم يبخس أبداً، فمنذ استلم القيادة في غرب الدولة التترية سنة ٦٤٩ ومع حقده الشديد ورغبته الملحة في تدمير الخلافة الإسلامية واشتياقه الكامل لكنوز العباسيين وكثرة جنوده وتفوقه العسكري الظاهر إلا أنه برغم كل هذا لم يتسرع، ولم يدخل مباشرة، وبدأ يعد العدة في صبر مدة خمس سنوات كاملة من سنة ٦٤٩ إلى سنة ٦٥٤ في نشاط، مع أنه سيقابل خصماً ضعيفاً جداً في ذلك الوقت.


وهذا الإعداد في معظمه كان يتم علناً على مرأى ومسمع من المسلمين وغيرهم، والتاريخ يتكرر، ودول المسلمين الآن تحتل على مرأى ومسمع العالم، ويكتب عنها على صفحات الجرائد والانترنت، وتنشر عبر القنوات عن خطواته في الإعداد للغزو، ومع ذلك لا يتحرك أحد.


 💎إصلاح البنية التحتية:

وقد اشتغل هولاكو في أربعة محاور رئيسة:

✍المحور الأول: الاهتمام بالبنية التحتية، وتجهيز مسرح العمليات الذي سيتم فيه القتال؛ ليضمن بذلك استمرارية وسيولة الإمداد والتموين من الصين إلى بغداد، ومن أجل ذلك عمل الآتي:


📌١ - بدأ في إصلاح كافة الطرق من الصين إلى العراق وتهيئتها لاستيعاب الأعداد الهائلة من الجيوش التترية، مع المسافات الرهيبة الطويلة والطبيعة الجبلية القاسية لمنطقة طاجاكستان وأفغانستان وفارس والموانع الطبيعية الكثيرة في هذه المنطقة.


📌٢ - أقام الجسور الكثيرة والكبيرة على كل الأنهار في المنطقة وبالذات نهري سيحون وجيحون، ووضع قوات تترية كافية لحماية هذه الجسور، وضمان استمرار عمليات الإمداد والتموين.


📌٣ - جهز مجموعة ضخمة جداً من الناقلات العملاقة لنقل أدوات الحصار الضخمة من الصين إلى بغداد.


📌٤ - كل مدينة أو مركز يتحكم في محاور الطرق من الصين إلى بغداد وضع عليه قوات إضافية؛ حتى لا تباغت ظهور القوات التترية المتجهة من الصين إلى العراق.


📌٥ - قام بشيء عجيب وفيه ذكاء شديد، فقد أخلى كل الطرق من الصين إلى بغداد من الماشية، سواء كانت ماشية برية أو مملوكة للسكان؛ وذلك حتى تنمو الحشائش والأعشاب؛ لتكون طعاماً كافياً للأعداد الهائلة جداً من الخيول الخاصة بالفرسان والدواب المكلفة بحمل العتاد الحربي والغذاء والخيام وما إلى ذلك،


وبذلك لم يكن بحاجة لأن يحمل معه طعاماً للحيوانات، ولو تعرض لمفاجأة غياب طعام الحيوانات فقد تتعطل الحرب كلها، فالطعام بالنسبة للحيوانات مثل الوقود بالنسبة للسيارات، بل أشد، فالسيارة بإمكانها انتظار الوقود وأما الحيوان فلا يستطيع الصبر على الجوع،


وبهذا الإعداد استطاع هولاكو أن يجعل الأرض ممهدة تماماً لاستقبال الأعداد الهائلة من الجيوش التترية من كل مكان من أجل تجميعها لغزو العراق.

وهذا الكلام الذي نقوله بسهولة وبسرعة يأخذ عدة سنين، فإصلاح الطرق وإقامة الكباري وإخلاء الطرق من الماشية مجهود ضخم جداً.

 

🌷الدكتور راغب السرجاني

عمر عبد الكافي

16:27

سلسلة التتار من البداية إلى عين جالوت

💫المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]

             ∫∫    الحـ٣٩ــلقة   ∫∫

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

No comments:

Post a Comment

اكتب تعليق حول الموضوع

mcq general

 

Search This Blog