أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم،بسم الله الرحمن الرحيم
أما بعد: هذه المحاضرة الرابعة من محاضرات قصة التتار من البداية إلى عين جالوت، وفي المحاضرات السابقة رأينا انهيار العالم الإسلامي أمام الضربات التترية المتوالية، وكيف وقع المسلمون في أخطاء قاتلة أدت إلى هذه المأساة المركبة التي مرت بالأمة بصفة عامة، ورأينا كيف فتن المسلمون بالدنيا وتركوا الجهاد واختلفوا وتفرقوا ولم يعدوا أي عدة مناسبة أو غير مناسبة لقتال التتار، وبالتالي لم يكن هذا السقوط المزري مفاجأة بل كان أمراً متوقعاً جداً، وهو يتوافق تماماً مع سنن الله عز وجل في الأرض.
وقفنا في المحاضرة السابقة على ابتداء شورماجان القائد التتري الكبير في المنطقة الفارسية وأذربيجان بالتخطيط لغزو جديد واجتياح قادم لمناطق جديدة، وكان ذلك في سنة ٦٣٤ هجرية، وفي هذه السنة ألتف شورماجان حول بحر قزوين من ناحية الغرب وانطلق شمالاً لاستكمال السيطرة على المنطقة، وبسرعة كبيرة جداً استطاع أن يعيد بسط سيطرة التتار على أقاليم أرمينيا وجورجيا والشيشان وداغستان، وأرسل جيشاً آخر لاستكمال بسط النفوذ على شمال هذه المناطق.
💎احتلال التتار لروسيا:
ثم بدأ باتو بن جاجي وكان من أكبر قواد التتار مطلقاً بقيادة الحملات التترية شمال بحر قزوين في سنة ٦٣٤، فقمع القبائل التي تسكن في نهر الفولجا الروسي،
ثم زحف بعد ذلك على البلاد الروسية الواسعة، وبدأ هذا الزحف على روسيا في سنة ٦٣٥هـ، وقام بمذابح بشعة شنيعة في روسيا النصرانية من حين دخلها إلى أن انتهى منها، واستولى على العديد من المدن الروسية، فقد سقطت مدينة ريدان، ثم بعدها بقليل سقطت مدينة كولومونا، ثم سقطت مدينة فلاديمير، وكانت مدينة كبيرة جداً جداً، حيث صمدت ستة أيام فقط في وجه التتار ثم سقطت سقوطاً كاملاً، وذبح غالب سكانها، ثم سقطت مدينة سوذال،
ثم توجهت الجيوش التترية إلى أعظم مدن روسيا موسكو واجتاحوها ودمروها في أيام معدودات، ثم سقطت بعد ذلك مدن يورييف وجاليش وبريسلاف وروستوف وغيرها إلى أن احتل التتار دولة روسيا بكاملها في سنتين، من سنة ٦٣٥ إلى ٦٣٦، ومساحة روسيا ١٧ مليون كيلو متر مربع، وليست المشكلة في هذه المساحة الهائلة، بل إنها يسكنها أعداد هائلة من البشر، إضافة إلى أن طقسها شديد البرودة وأجواءها صعبة جداً،
ومع ذلك فإن التتار انتهوا من روسيا كلها في سنتين، ولم يستطع أحد أن يقف أمام التتار، ثم بعد هذا الاجتياح توقفوا سنتين ينظمون صفوفهم ويعيدون ترتيب أمورهم.
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع