Search This Blog

احتلال التتار لمراغة:

 


💎


لما دخلت سنة (٦١٨هـ)، في أول هذه السنة دخل التتار مدينة مراغة المسلمة، وهي في إقليم أذربيجان،


ومن عجيب الأمور أن رأس المدينة كان امرأة مسلمة، ولا أدري لماذا أعطى المسلمون زمامهم لامرأة في هذا الوقت الحساس؟ فهل البلاد قد عدمت من الرجال الذين يصلحون للقيادة؟!


فحاصر التتار مراغة ونصبوا حولها المجانيق، وبدأ التتار القتال بواسطة الأسرى المسلمين، فالأسرى المسلمون الذين مع التتار، هم الذين بدءوا يفتحون مراغة، ويقتلون إخوانهم المسلمين فيها طمعاً في قليل من الحياة، أي حياة كانت، ولو انقلب هؤلاء الأسرى على التتار حمية لإخوانهم في مراغة، لكان هناك فرصة لنجاة بعض المسلمين على الأقل، ولكن ضاعت المفاهيم، وعميت الأبصار، ولا حول ولا قوة إلا بالله.


دخل التتار مدينة مراغة المسلمة في (٤) صفر (٦١٨هـ) ووضعوا السيف في أهلها، فقتل منهم كما


يقول ابن الأثير ما يخرج عن الحد والإحصاء، ونهبوا كل ما صلح لهم واستطاعوا حمله، والذي لم يستطيعوا حمله جمعوه وأحرقوه، وكانوا يأتون بالحرير الثمين كأمثال التلال فيحرقونه بالنار.


يقول ابن الأثير رحمه الله: إن المرأة من التتار كانت تدخل الدار فتقتل جماعة من أهلها رجالاً ونساء وأطفالاً، ما يتحرك لها أحد.


وذكر أيضاً: أنه سمع بنفسه من بعض أهل مراغة أن رجلاً من التتر دخل درباً فيه (١٠٠) رجل مسلم، فما زال يقتلهم واحداً واحداً حتى أفناهم جميعاً، ولم يمد إليه رجل واحد يده بسوء، فقد وضعت الذلة على الناس، فكانوا لا يدفعون عن أنفسهم قليلاً ولا كثيراً، ونعوذ بالله من الخذلان.

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

💎أسباب تردد التتار في غزو أرض الخلافة العباسية مطلع عام ٦١٨هـ:


بدأ التتار بعد ذلك يفكرون في غزو مدينة أربيل في شمال العراق، وهي مجاورة للموصل في شمال العراق، فدب الرعب في قلوب أهلها، وكذلك دب الرعب في قلوب أهل مدينة الموصل الواقعة غرب أربيل،


وفكر بعض أهل أربيل والموصل في الهروب من طريق التتار، وخشي الخليفة العباسي الناصر لدين الله أن يعدل التتار عن مدينة أربيل ويتجهوا إلى بغداد، فبدأ يفيق من سباته العميق، واستنفر الناس لملاقاة التتار في أربيل، وأعلن حالة الاستنفار العام في كل المدن العراقية الواقعة تحت سيطرته،


وبدأ جيش الخلافة العباسية في التجهز، وجمع الخليفة العباسي الناصر لدين الله (٨٠٠) رجل فقط ضد مئات الآلاف من التتار! فلم يكن الناصر لدين الله خليفة، وإنما كان صورة خليفة، ولم يستطع قائد الجيش العباسي واسمه مظفر الدين أن يحارب التتار بهذا العدد الهزيل، فعندما رأى أمامه مئات الآلاف انسحب.


ثم حصل شيء غريب جداً، فقد شعر التتار أن هذا الانسحاب خدعة، وأن هذه الفرقة ما هي إلا مقدمة للجيش الإسلامي الكبير؛ لأنه من غير المعقول أن جيش الخلافة العباسية المرهوبة لا يزيد عن (٨٠٠) جندي فقط، ولذلك قرر التتار تجنب المعركة، وانسحبوا بجيوشهم.


فالرعب كان يملأ قلوب التتار من إمكانيات الخلافة العباسية، فالخلافة العباسية كانت ملء سمع وبصر الدنيا، وكانت تزهو على غيرها من الأمم بتاريخ طويل جداً وأمجاد عظيمة، ولا شك أن دولة لقيطة مثل: دولة التتار، ليس لها على وجه الأرض إلا بضع سنوات، ستحسب ألف حساب لدولة هائلة يمتد تاريخها إلى أكثر من (٥٠٠) سنة.


لذلك كان التتار يقدرون إمكانيات العراق بأكثر من حقيقتها، ومن ثم آثروا ألا يدخلوا مع الخلافة في صدام مباشر، واستبدلوا ذلك بما يعرف بحرب الاستنزاف، وقرروا عمل ضربات خاطفة موجعة للعراق، وحصار طويل مستمر ليضعفوه، وأحلاف واتفاقيات مع الدول والإمارات المجاورة؛ لتسهيل الحرب ضده في الوقت المناسب، ومن أجل ذلك انسحب التتار ليطول بذلك عمر العراق عدة سنوات أخرى.


🌷الدكتور راغب السرجاني

عمر عبد الكافي

16:27

سلسلة التتار من البداية إلى عين جالوت

🎗المحـ3ــاضرة [ المتساقطون ]

             ∫∫    الحـ٢٦ــلقة   ∫∫

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

No comments:

Post a Comment

اكتب تعليق حول الموضوع

mcq general

 

Search This Blog