💎
دخلت سنة (٦٢٨هـ) تحمل هجمة تترية بشعة جديدة على الأمة الإسلامية، فقد استقر ملك التتار في منغوليا، وتولى القيادة بعد جنكيز خان زعيم جديد اسمه أوكيتاي، فكان هو الخاقان الجديد للدولة التترية،
وكلمة خاقان تعني: الزعيم أو الرئيس للبلاد، فهو لقب مثل: قيصر بالنسبة للدولة الرومانية، أو كسرى بالنسبة للدولة الفارسية وغيرهما.
نظم أوكيتاي أمور دولته في الأربع السنوات الماضية في منطقة منغوليا والصين، وبدأ يفكر من جديد في اجتياح العالم الإسلامي، بل وفكر في استكمال الحروب في داخل روسيا، والخروج منها على أوروبا.
💎أسباب إحجام التتار عن غزو العراق:
قرر أوكيتاي عدم محاربة الخلافة العباسية في ذلك الوقت، لأسباب منها:
📌أولاً: شدة حصانة بغداد، فقد كانت من أحصن مدن العالم في ذلك الوقت، وعمرها (٥٠٠) سنة تقريباً، وكان سكانها ثلاثة ملايين أو أكثر.
📌ثانياً: لم يرد استثارة المسلمين في العراق والشام ومصر لسقوط الخلافة العباسية، فالخلافة العباسية كانت تمثل رمزاً هاماً للمسلمين على ضعفها.
📌ثالثاً: كان يريد جعل الخلافة العباسية آخر خطوات الاحتلال، فكان يريد أخذ كل البلاد المحيطة بها، ثم بعد ذلك يفتح العراق كلها، وهذا هو عين الذكاء.
💎غزو التتار لبلاد جلال الدين وقصة مقتله:
كلف الخاقان الجديد أوكيتاي القائد شورماجان أحد أمهر قادته التتريين بغزو العالم الإسلامي، فجمع جيشاً هائلاً من التتر، وتقدم صوب العالم الإسلامي، فكانت أول منطقة قابلها هي منطقة جلال الدين بن خوارزم في غرب إيران، فالتقى معه في موقعة رهيبة جداً فهزم جلال الدين هزيمة مرة، فهرب مكرراً نفس التاريخ الذي فعله قبل ذلك والذي فعله أبوه قبله، حتى وصل إلى شمال العراق بعد أن تفرق عنه كل جيشه، فجيوش التتار أكلت الأخضر واليابس في هذه الأرض، واحتلت إيران كلها في لحظات قليلة جداً.
لما وصل جلال الدين إلى شمال العراق وحيداً شريداً طريداً، أخذ ينتقل بمفرده بين القرى فاراً من التتار، واختفى ذكره من البلاد شهوراً متصلة، ولا أحد يعرف هل مات أم لا؟
حتى وصل إلى إحدى القرى فاستقبله فلاحاً من الأكراد، وسأله: من أنت؟ فقد استغرب من شكل جلال الدين؛ لأنه كان متحلياً بكمية كبيرة جداً من الذهب والجواهر، فقد أخذ كل كنوزه معه وهرب، فقال له: أنا ملك الخوارزمية، فقد أراد أن يبث الرعب في قلبه حتى يطلب الأمان عنده، فعندما سمع الفلاح هذه الكلمة قال له: تفضل، وأدخله بيته وأطعمه وسقاه حتى نام، وكان هذا الفلاح قد قتل أخوه على يد جلال الدين بن خوارزم، فلما نام جلال الدين قام إليه الفلاح وقتله بالفأس، ثم أخذ رأسه وسلمه إلى زعيم شمال العراق الأشرف العادل؛ لأنه كان بينه وبين جلال الدين حروباً طويلة قبل ذلك، وانتهت قصة جلال الدين بن محمد بن خوارزم هذه النهاية المأساوية.
وصدق رسول الله إذ يقول فيما روى البخاري ومسلم عن أبي موسى الأشعري رضي الله عنه قال: (إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته، ثم قرأ: {وَكَذَلِكَ أَخْذُ رَبِّكَ إِذَا أَخَذَ الْقُرَى وَهِيَ ظَالِمَةٌ إِنَّ أَخْذَهُ أَلِيمٌ شَدِيدٌ} [هود:١٠٢]).
وبفرار جلال الدين بن خوارزم سقط كل إقليم فارس في يد التتار، ما عدا الشريط الغربي فقط، وهو شريط ضيق جداً كانت تسيطر عليه الإسماعيلية الشيعية.
🌷الدكتور راغب السرجاني
عمر عبد الكافي
16:27
سلسلة التتار من البداية إلى عين جالوت
🎗المحـ3ــاضرة [ المتساقطون ]
∫∫ الحـ٣٣ــلقة ∫∫
- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع