القولون العصبي و القلب

 

 القولون العصبي و القلب

 كثير من هؤلاء يزورون عيادة القلب بشكاوي مختلفة منها خفقان وغير انتظام في نبضات القلب, نغزات في القلب, ضيق في التنفس… الخ, كما أن هناك صفات يشترك فيها أغلبية من يعانون من القولون العصبي منها أن أغلبهم النساء دون الأربعين سنة, ثانيا أن غالبيتهم لديهم ضغوطات نفسية وقلق وتوتر يؤثر بشكل كبير على حياتهم, ثالثا أنهم يزورون أطباء كثر في تخصصات مختلفة من الجهاز الهضمي والقلب والنفسية بل إن بعضهم ينتقل إلى الطب التكميلي من أعشاب وكوي وحجامة… الخ.

وفي هذا المقال سنشرح مفاهيم خاطئة منتشرة بين الناس عن القولون العصبي وعلاقته بالقلب:

المفهوم الخاطئ الأول: القولون يضغط على القلب فيسبب الخفقان

من المهم معرفة أن هناك فاصلاً عضلياً قوياً بين القولون والقلب وهو الحجاب العضلي الحاجز وحتى إن كان هناك فتق في الحجاب الحاجز فالقلب له أغشية خارجية وداخلية وبينهما سوائل تحميه من التغيرات الميكانيكية المفاجئة للجسم ومن ضغط الأعضاء الأخرى فتلك السوائل توازن الضغط على جدارن القلب، فمن غير الممكن أن يضغط القولون على القلب ويسبب له الخفقان ولكن يجب معرفة أن مرضى القولون العصبي قد يحدث معهم أيضا تسارع في نبضات القلب بسبب تأثير الدماغ على القولون والقلب معا عن طريق زيادة تدفق تأثير الأعصاب السمبتاوية وموصلاتها الكيميائية سواء المباشرة عن طريق الأعصاب أو غير المباشرة عن طريق الدم، وهذه المؤثرات الكيميائية مثل النورادريناين هي التي تسبب الخفقان في القلب بسبب تأثيره على كهرباء القلب والألم في القولون بسبب انقباض عضلات القولون الملساء.

المفهوم الخاطئ الثاني: ضيقة التنفس تحدث بسبب انتفاخ القولون وضغطه على القلب والرئتين

الصحيح أن ضيقة التنفس التي تحدث مع مرضى القولون العصبي متعددة المنشأ فقد تكون من ارتجاع المرئ واستثارة الحمض لمراكز التنفس العلوية في أعلى المرئ أو من القلق ونوبات ضيق التنفس التي تحدث مع نوبات القلق “نفسية” وهي الغالب في مثل هؤلاء المرضى فتجد أنه يصف “ما يدخل هواء كافي للرئتين” أحس يا دكتور إني أحاول مرة واثنين وثلاثة ويالله نفس واحد يدخل للرئتين وارتاح لفترة معينة، ثم تبدأ المعاناة مرة أخرى، ومما يؤكد أن أعراضهم نفسية أن فحصهم طبيعي وتركيز الأكسجين في الدم طبيعي خلال تلك الأعراض.

ثالثا: نغزات القلب تعني أن عندي مشكلة في الشرايين

نغزات القلب التي تحدث لثواني معدودة في الصدر وتتنقل من محل لآخر ولا تتعلق بالجهد هي غالبا من العضلات ولا تأتي من القلب وهي تكثر في من لديهم قلق وتوتر، وذلك لأن أغلب أعراض القلق والتوتر تتعلق بالقلب لأن أشد أعراض الخوف هي من الموت… والسبب الأول للوفيات في العالم هي أمراض القلب فلا عجب أن تتعلق أغلب أعراض القلق بالقلب وخفقانه ونغزاته… بل إن بعضهم تطغى أعراض القلب “العرضية” على المرض الأصلي وهو “القولون العصبي”!!

والخلاصة:

أن مرضى القولون العصبي يشكلون شريحة كبيرة من المجتمع 20% تقريبا.. ويجب أن يكون هناك توعية هادفة لهؤلاء المرضى من ناحية طبيب الجهاز الهضمي وطبيب القلب والطبيب النفسي وأخصائي التغذية، وذلك لتخفيف معاناة هؤلاء المرضى ومساعدتهم على التعايش مع ذلك المرض وتقليل تنقلهم بين هذه العيادات جيئة وذهابا.