مقاومة التعفنات البكتيرية للمضادات الحيوية

  هيا بنا نكتشف واحد من أكثر العشر مواضيع التي تقلق الصحة العالمية بقوة، إنه مقاومة الأمراض التعفنية الشائعة للمضادات الحيوية، بحيث إذا لم نتخذ إجراءًات عاجلة، فسندخل قريبًا حقبة ما بعد المضادات الحيوية، التي ستصبح فيها من جديد، الأمراض البكتيرية العادية و الشائعة و كذلك الإصابات و الجروح الصغيرة، إصابات مميتة. 

  و حتى يكون الأمر أكثر وضوحا، تعالوا نكتشف الإجابات على الأسئلة التي ستوضح هذا الموضوع. 

 ما هي الأمراض التي يصاب بها الانسان؟ 

الأمراض التي من الممكن أن تصيب الانسان هي على نوعين أساسين و تكون إما ناتجة عن خلل في الجسم (مرض السكري، مرض الضغط الدموي، الروماتيزم، مرض الغذة الذرقية،…) أو ناتجة عن تعفنات ميكروبية (التهاب أو تعفن اللوزتين، التعفنات التنفسية، التعفنات الجلدية، …) 

  ما الفرق بينهما؟ 

التعامل مع خلل بالجسم يكون تعامل مع أعضاء معينة أو أجهزة فيسيولوجية غير قابلة للتطور و استجابتها للعلاج تكون عادة ثابتة، كفي حالة الأمراض المزمنة مثلا. 

أما الأمراض التعفنية فنكون أمام مواجهة كائنات حية تسمى الميكروبات و هي أنواع : بكتيرية، فيروس، طفيليات و فطريات و هي ليست متشابهة. 

  ما هي خطورة الأمراض التعفنية؟ 

  أولا قد تكون معدية عن طريق وسائل متنوعة و منها ما يسبب الوباء لا قدر الله، و التي تكون مواجهته، في الغالب، مستعصية لأسباب عديدة، منها صعوبة ضبطه لسهولة تنقل الافراد و كثرة ارتباكاتهم

  ثانيا، هذه الميكروبات هي كائنات حية قابلة للتطور و التحور من أجل استمرار بقائها مما يدفعها لإحداث آليات تمكنها من الهروب من العلاجات المتوفرة لدينا حاليا 

  ثالثا و هو تحصيل حاصل لما سبق : كثير من الأمراض التعفنية الشائعة، هي مميتة لولا لطف الله، حيث لازالت المضادات الميكروبية تنفع معها إلى حد ما، لكن أصبح المجتمع الصحي يجد صعوبة متزايدة في التغلب على بعضها، و التي أصبحت تقاوم يوما بعد يوم الأدوية، كالسل و الالتهاب الرئوي و السيلان وتسمم الدم و التي أصبح علاجها أصعب، بل مستحيل أحياناً، بسبب تدني نجاعة المضادات الحيوية الناجمة عن مقاومة البكتيريا لها. بل و أصبحت تتعرض إنجازات الطب الحديث للخطر بفعل مقاومة المضادات الحيوية،  حيث باتت عمليات زرع الأعضاء والعلاج الكيميائي والعمليات الجراحية، مثل عمليات الولادة القيصرية، أكثر خطورة من دون توفير مضادات حيوية فعالة للوقاية من عدوى الالتهابات الناجمة عنها وعلاجها…مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية مشكلة عالمية خطيرة تتطلب من جميع البلدان بكل قطاعاتها المعنية بذل جهود لجعل الإمكانيات العلاجية المتوفرة دائما فعالة و آمنة على الأفراد 

  هل فعلا مقاومة الميكروبات للمضادات أصبحت مقلقة؟ 

تقول منظمة الصحة العالمية أنه إذا لم نتخذ إجراءًات عاجلة، فسندخل قريبًا حقبة ما بعد المضادات الحيوية، التي ستصبح فيها من جديد، الأمراض البكتيرية العادية و الشائعة و كذلك الإصابات و الجروح الصغيرة، إصابات مميتة. 

و حسب التقديرات العالمية في هذا الشأن، أنه في ظرف 25 إلى 30 سنة القادمة، ستصبح مقاومة البكتيريا للمضادات الحيوية، السبب المباشر في موت 10 مليون شخص في كل سنة، عبر العالم. 

مقاومة التعفنات البكتيرية للمضادات الحيوية هي الظاهرة الأكثر خطورة و التي تأرق حاليا المجتمع الدولي في مجال مقاومة العلاجات المتوفرة. للعلم فالمضادات الحيوية أو الأونتبيوتيك هي الأدوية التي تستعمل لعلاج التعفنات البكتيرية فقط، و لا تستعمل لغيرها كالفيروسات و الطفيليات و الفطريات. 

في حقيقة الأمر سعي هذه الكائنات المجهرية للبقاء هو ظاهرة طبيعية، لكن من حقنا أيضا أن نضمن استمرارنا و بقائنا فكيف ذلك؟ 

الحل هو أن نحد من أثر مقاومة هذه المكروبات على العلاجات المتوفرة، فكيف السبيل إلى ذلك؟ 

  ماذا يتوجب علينا الآن؟

يؤدي الاستعمال السيئ للمضادات الحيوية إلى تسريع وتيرة مقاومتها  ويمكن اتخاذ خطوات على جميع مستويات المجتمع للحد من تأثير تلك المقاومة وتقييد نطاق انتشارها :

  الأفراد :

▪︎على كل شخص منا أن يحرص على الوقاية من العدوى عن طريق غسل اليدين بإنتظام، إعداد الطعام الصحي وتجنب المخالطة القريبة للمرضى. 

▪︎ أخذ اللقاحات الموصى بها في البرامج الوطنية و التوصيات الموسمية من طرف مؤسسات وزارة الصحة. 

▪︎ عدم استخدام المضادات الحيوية إلا إذا استشرت مهني صحة، فهو وحده يعلم متى يمكن استعمالها. 

▪︎ الاستعمال الجيد للمضادات الحيوية.

  المؤسسات الصحية على الصعيد الوطني :

▪︎ وضع خطة عمل وطنية متينة، موضع التنفيذ، بشأن معالجة مقاومة المضادات الحيوية 

▪︎ العمل على إحصاء و رصد العدوى و الأمراض المقاومة للمضادات الحيوية 

▪︎ تعزيز برامج التحسيس و الوقاية مع تشجيع المجتمع المدني بأهمية العمل على هذا الموضوع 

▪︎ إتاحة المعلومات للمجتمع عبر وصلات إعلامية موالمة عن آثار مقاومة المضادات الحيوية 

  مهنيو الصحة :

▪︎الحرص على عدم وصف المضادات الحيوية وصرفها إلا عند الحاجة الفعلية لها، وفقاً لما تنص عليه المبادئ التوجيهية العالمية في هذا الباب 

▪︎إبلاغ المؤسسات المعنية في حالة رصد عدوى مقاومة للمضادات الحيوية 

▪︎التحدّث إلى المرضى عن كيفية تناول المضادات الحيوية بشكل صحيح وعن مقاومة تلك المضادات الناجمة عن إساءة استعمالها 

▪︎ التحدّث إلى المرضى عن كيفية الوقاية من عدوى الميكروبات (بوسائل من قبيل التطعيم وغسل اليدين وتغطية الأنف والفم عند العطاس،…) لتجنب الاصابة بها من جديد 

  مختبرات الدواء و مؤسسات البحث العلمي :

▪︎الاستثمار الجدي في مجال البحث من أجل تطوير فعالية المضادات الحيوية الحالية و ايجاد أخرى 

▪︎البحث في وسائل الوقاية من قبيل اللقاحات 

▪︎ابتكار وسائل تشخيص دقيقة و قابلة للاستعمال بسهولة، لتوسيع الاستفادة منها و محاصرة المقاومة البكتيرية للمضادات الحيوية، بحيث يتم استعمال العلاج المعين فقط للبكتيرية الحساسة له 

  قطاع الزراعة :

▪︎تحسين أمن المزارع من الناحية البيولوجية للوقاية من عدوى الميكروبات من خلال تحسين شروط النظافة الشخصية ورعاية الحيوانات

▪︎التحسيس بإتباع الممارسات الجيدة المتعلقة بالمجال وتطبيقها في جميع مراحل إنتاج وتجهيز الأغذية الحيوانية و النباتية المصدر

▪︎تلقيح الحيوانات لتقليل حاجتها إلى المضادات الحيوية واستعمال بدائل لتلك المضادات في حال إتاحتها 

▪︎و الحرص على عدم استعمال المضادات الحيوية لأغراض تعزيز نمو أو الوقاية من الأمراض

▪︎عدم إعطاء المضادات الحيوية للحيوانات إلا عند الحاجة الحقيقية لها و بإشراف الطبيب البيطري