بتصنيفات عالمية .. هناك مشكل آخر أعمق و هو "تدمير مكتشفات العلماء": المضادات الحيوية ..
أستقبل كل مرة مرضى أخذو مضادات حيوية عشوائيا دون وصفات (هذا يحدث في الجزائر فقط) .. آخرها مريض مصاب بإلتهاب اللوزتين .. زار بائعا أعطاه مضادا حيويا "أموكسيسيلين" .. المريض استعمله يوما واحدا دون تحسن .. فقصد بائعا آخر قام بتغيير المضاد الحيوي ؟؟؟ أعطاه cefalexine .. المريض أخذ الدواء يوما واحدا و لم يتحسن .. فتوجه نحو بائع ثالث .. و هو الآخر غير له المضاد الحيوي و أعطاه roxithromycine ؟؟؟ .. المريض تناول الدواء يوما واحدا و لم يتحسن ..
عندئذ فقط تذكر أنه "يوجد هناك أطباء" .. فقام بزيارتي .. و أحسن ما فعل أنه أحضر أدويته السابقة .. و هنا اكتشفت الأمر ..
لماذا هذه الجرائم ؟؟؟ .. أخذ مضاد حيوي لمدة أقل من المدة الدنيا الموصى بها يترك بكتيريا ناجية .. كونها لم تتعرض لإبادة كافية بسبب قصر مدة العلاج "يوم واحد؟" (نحن نوصي المريض بإتمام المدة الدنيا حتى لو شفي قبل تلك المدة) .. هذه البكتيريا الناجية سرعان ما تتعرف على المهاجم (المضاد الحيوي) و تطور ضده أنظمة مقاومة جديدة .. إن انتشار هذه البكتيريا لاحقا وسط المجتمع يجعل المضادات الحيوية غير فعالة .. مما يجعل الأطباء يفشلون في علاج أبسط الإصابات البكتيرية .. و أحيانا اللجوء لمضادات حيوية من الخط الثاني .. و هي أغلى ثمنا و نتركها للإصابات الخطيرة فقط .. و شيئا فشيئا ستنفذ الأسلحة (المضادات الحيوية) و نرجع كما كنا في القرن التاسع عشر تحت رحمة البكتيريا التي -دون مضادات حيوية- تعتبر أقل رحمة من الفيروسات ..
هذه جريمة كبرى .. هذا يسمى تدمير لمكتشفات العلماء .. الفوضى التي تحدث في الجزائر تستحق حرماننا من استلام المضادات الحيوية من طرف الدول المصنعة .. لأننا نصبح بؤرة تنشر للعالم البكتيريا المقاومة ..
يتحدث الجميع عن "فضيحة": القبض على طبيب أسنان مزيف .. و لكن ماذا عن عشرات آلاف الصيادلة المزيفين .. في وقت عشرات آلاف الصيادلة الحقيقيين يرمون للبطالة بمعدل أكثر من ألف صيدلي كل سنة .. الصيدلي الحقيقي يوجه المريض نحو الطبيب .. لأنه يعرف أن تسليم الدواء يجب أن يكون مسبوقا بتشخيص .. و أن التشخيص هو مهمة صعبة لا تكون إلا بفحص طبي الذي هو صلاحية الطبيب فقط .. أما الصيدلي المزيف فهو يفهم كل شيء أحسن من الطبيب و الصيدلي و هنا تبدأ الكارثة ..
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع