في وجود شخص واحد بين كل عشرين يتعاطى علاجا مزدوجا، يجمع بين الأعشاب والكيماويات ، يبدو لنا مدى الخطر المحدق نتيجة لتفاعل العقاقير والأعشاب وخاصة إذا ما علمنا أن المصريين مثلأ ينفقون 650 مليون جنيه سنويا على الأعشاب ، وينفق الأمريكيون 4 مليارات دولار سنويا للغرض نفسه وتجارة الأعشاب في بلادهم هي تجارة رائجة تتمتع بالتنظيم والرقابة ..
ينما يديرها في بلادنا بعض المجتهدين ، وكثير من الأدعياء والجهلة والعاطلين عن العمل ، ومنهم الذين يتمسحون بالطب النبوي، ويدعون الوصاية عليه ،وامتلاك مفاتيح أسراره ، ويحاربون بضراوة كل من ينصحهم بالوضوح والتطوير ويتهمونهم بالغيرة من نجاحهم، والمتأمل في علوم الأعشاب في الغرب يعلم أنهم قد أدركوا مدى خطورة التداوي بهذه الأعشاب دون وعي بمخاطر استعمالها العشوائي.. ودعني أضرب لك مثلأ حيث أعطوا متطوعين دواء مضادأ للاكتئاب ،في الوقت نفسه الذي يتناولون فيه أشهر دواء عشبي في أمريكا باسم "جون ورت"، فإذا بالأخير العشبي يبطل فاعلية الدواء المضاد للاكتئاب ، نظرا لسيطرة عشبة "جون ورت" على إنزيمات الكبد التي تحلل مكونات 50% من الأدوية على الأقل ( وهو ما يشكل خطورة بالغة عند استخدامه مع مضادات التجلط ، أو حبوب منع الحمل أو أدوية الصرع والصداع النصفي...أما عشبة "إفيدرا" التي يستخدمها الكثيرون للتخلص من الوزن الزائد فإنها تزيد من خطورة "السكتة الدماغية" والمثير حقأ هو ما أعلنه الباحثون في "زرع الكبد" بأنهم اكتشفوا أن ا ا من 20حالة زرع كبد قد أصابها الفشل الكبدي فجأة بعد تعاطي مستحضرات عشبية شائعة الاستعمال ، وتحتوي على مواد سامة تضر الكبد!
والمحظوظون من تجار الأعشاب في بلادنا يجهلون ما سبق من نتائج علمية بحكم مؤهلاتهم ، كما أنهم يفلتون بجرمهم ، حيث يحدث تليف الكبد بسبب "عشبة سامة" بعد بضعة أسابيع وحتى ستة أشهر من تناول العشبة وضحايا العلاج العشبي أو حتى الدواثي يتحملون وحدهم عواقب أخطاء المعالجين بينما يختلف الوضع في البلاد التي تحترم حقوق المرضى.. وللعلم مثلأ فإن هناك 4 مليارات دولار هي قيمة التعويض الذي ينتظره بفارغ الصبر ضحايا الحبوب المخففة للوزن إثر تعرضهم لمشكلات صحية بعد تناولها، بالإضافة إلى مليار وربع دولار يحتاجونها بهدف متابعتهم طبيا بعد الحكم ، ويذكر أن هذه الحبوب سحبت قبل ثلاثة أعوام من الأسواق بعدما سببت مشكلات في القلب ورغم ما حدث فقد استغلت مافيا الأعشاب – عبر دعاية واسعة - الهوس العصبي بالرشاقة ، فخلطت دواء عشبيا مجهولا بهذه الأقراص المحظورة في أمريكا.. وباعتها للراغبات في جسم نحيف .. مما تسبب في وفاة عدد من السيدات في سنغافورة واليابان والصين قبل أشهر، إلى جانب إصابة نحو 60سيدة بتلف في الكبد.. فمن يضمن خلو الأعشاب التي تحتل صفحات المطبوعات في بلادنا من مواد محظورة أضيفت عمدأ لتضمن لها الفعالية .. ولكنها تدمر الأعضاء وتقتل متعاطيها هو من يضمن براءة هذه الأعشاب المقدمة لعلاج السمنة والعقم من مسؤولية الفشل الكلوي أو الكبدي والسرطانات التي ارتفعت معدلاتها حيث أن معظم الضحايا لا يتهمون الأعشاب ، والعشابون يدعون بإصرار أنها خالية من أية مضاعفات ومأمونة للغاية ، ويهمسون في آذان المشتري في ثقة : "إن لم تنفعك فلن تضرك" وهو مبدأ ساذج ويضر أكثر مما ينفع وهكذا استفحلت ظاهرة عيادات الأعشاب التي يلجأ إليها الفقراء والأغنياء على حد سواء.. والمشكلة لا تكمن في حجم هذه العيادات أو قناعة الناس .. بل تكمن في انتشار المدعين من العشابين الذين يمارسون مهنة تتعلق بأرواح الناس ، والتدليس عليهم دون ضوابط و في وجود رقابة هشة.
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع