الساعة البيولوجية تتحكم بوظائف الجسم

 

الساعة البيولوجية تتحكم بوظائف الجسم 

يحتوي جسم الأشخاص على آلية خاصة مهمتها تنظيم حركة أعضاء هذا الجسم وأجهزته المختلفة خلال أوقات اليوم، وهذه الآلية هي التي تحدد فترة الليل الساكن الهادئ من أجل راحة هذه الأجهزة، والاستعداد لبداية يوم جديد حافل بالنشاط والحيوية والحركة، وأيضاً هي المنظمة لفترة النهار الذي يصبح وقتاً جيداً للمعيشة والعمل والحركة وتناول الأطعمة، وهذا النظام له دورة ثابتة متتابعة مدتها 24 ساعة، وهي ما نطلق عليه الساعة البيولوجية للشخص، وهي من الأشياء الطبيعة التي تدخل في تركيبة كل فرد، وهذه الساعة موجودة في كل خلية من خلايا الجسم، حتى تنسجم مع وظيفة الإنسان بالنهار، والتي تختلف عن وظيفته بالليل.

كل عضو في جسم الإنسان يؤدي أفضل ما في وظائفه في ساعة معينة، وهذه الآلية هي التي تضبط إيقاع وحركة الجسم الداخلية، وتجعله يميز بين الليل والنهار، ويتخذ من الليل فترة الراحة لترتيب وتنظيم المهام التي قام بها، وإفراز العديد من الهرمونات وتقوية جهاز المناعة، وعمليات أخرى كثيرة تتم خلال فترة الليل أثناء النوم، وفي النهار تتغير هذه المهام وتصبح اليقظة والإدراك والتفكير والحركة والنشاط هي السمات الغالبة على الشخص، وفي هذا الموضوع سوف نخوض في تفاصيل الساعة البيولوجية للأشخاص ووظائفها ودورها في ضبط إيقاع الحياة، والسلبيات التي تصيب الجسم في حال عدم انتظامها طبقا للقوانين الطبيعية للجسم.

مكانها بالدماغ

اكتشف العلماء مجموعة من الخلايا أسفل وسط الدماغ تسمى النواة، ويرجح الباحثون أن هذه المجموعة هي مركز التحكم في الساعة البيولوجية للشخص، وتنقسم هذه النواة لنصفين وكل جزء يتكون من 10 آلاف خلية عصبية، وبينت دراسة حديثة أخرى أن المخ ليس العضو الوحيد في الجسم الذي يحمل جينات هذه الساعة البيولوجية، حيث تم اكتشافها في خلايا أخرى من الجسم مثل خلايا الكلى وبعض أعضاء الجسم الأخرى، وهذه الجينات تقوم بإفراز بعض البروتينات بالليل عندما يحل الظلام الطبيعي، وتنخفض نسبتها بالنهار أو عند التعرض للضوء، والعكس صحيح بالنسبة للبعض الآخر، كما تم إثبات هذه الحقيقة من خلال التجارب التي تمت على ذبابة الفاكهة والفئران، والإنسان لا يختلف عن المثالين السابقين من حيث التركيب الجيني للساعة البيولوجية داخل جسمه، وتقوم هذه الساعة بتنظيم وظائف الجسم المختلفة بتناغم واضح، على سبيل المثال تنظم عملية النوم واليقظة والتمثيل الغذائي والسلوك وانقسام الخلايا وإنتاج الهرمونات ودرجة حرارة الجسم والتوازن في مستويات ونسب السوائل داخل الأنسجة، ووظائف الجسم الأخرى مثل الشعور بالجوع والعطش.

اكتشاف البروتين

توجد داخل جسم الشخص أو الثدييات بصفة عامة جينات مسؤولة عن الساعة البيولوجية، حيث تقوم بتشغيلها وتوقيفها بروتينات تأمر بها هذه الجينات، وترتكز معرفتنا بتفاصيل هذه الجينات التي تنتج البروتينات المتحكمة فيها على مجهودات العلماء الذين تخصصوا في هذه المهمة وحصلوا على العديد من الجوائز العالمية، والذين بدأوا تجاربهم على دارسة ذبابة الفاكهة واكتشفوا كيفية عمل الساعة البيولوجية، وتمكن هذا الفريق من الباحثين عزل جين من الجينات والذي له دور رئيسي في عمل الساعة البيولوجية للذبابة، ثم بعدها تمكن الفريق من اكتشاف أن البروتين الذي تفرزه هذه الجينات، وهو البروتين المشفر الذي يتراكم بداخل الخلايا أثناء الليل ويتحلل أثناء النهار، وهكذا توصلوا إلى أن مستويات هذا البروتين تتذبذب وتتغير على مدار تعاقب 24 ساعة يومياً، والتي تمثل دورة الأرض في تزامن مع إيقاع الساعة البيولوجية في داخلنا، وسوف يسهم هذا الاكتشاف المهم في إمكانية التحكم في تنظيم الساعة البيولوجية للشخص، وهو ما يعني إمكانية التوصل إلى تصنيع أدوية تؤدي نفس المهمة، والتي يمكن أن تطور علاجاً لكثير من الأمراض الناتجة عن خلل في أداء الساعة البيولوجية، ومنها الأرق واضطراب النوم والاكتئاب الموسمي والشيخوخة، وغيرها من الأمراض التي تؤرق الإنسان.

مواعيد طرد السموم

تعمل الساعة البيولوجية بالتوافق مع دورة الليل والنهار على سطح الأرض، ويؤكد الباحثون على أهمية التعرض لضوء النهار ولو لدقائق معدودة بصورة يومية، وذلك من أجل انتظام إيقاع الساعة البيولوجية مع إيقاع الطبيعة، إلا أن الحرمان من الضوء لا يمنع الساعة البيولوجية من العمل، غير أنه يكون بصورة غير طبيعية، كما أشار بعض الباحثين إلى أهمية نوم القيلولة في العمل على تحسين وظائف الساعة البيولوجية ويجعلها أكثر دقة، وتم رصد تحسن ملحوظ في عمل الكبد والكليتين والرئتين والذاكرة، بعد نوم ساعة واحدة فقط من فترة القيلولة، كما أن هذا النوم يساعد ضعيفي الشهية على زيادة انفتاح هذه الشهية، وترتبط الساعة البيولوجية بأعضاء الجسم، حيث يتم اتباع النظام الغذائي المتوازن في أوقات محددة ومواعيد منتظمة، مما يساعد الجسم على التخلص من الكيماويات والسموم الموجودة فيه، فمن الساعة 9 إلى 11 مساء يتم التخلص من السموم الزائدة في الجهاز الليمفاوي، لذلك يجب تمضية هذا الوقت في هدوء، فإذا كانت ربة المنزل ما زالت تعمل في أعمال المنزل أو في متابعة الأبناء في أداء واجباتهم المدرسية، فإن ذلك سيكون له تأثير سلبي على صحتها، ومن الساعة 11 إلى 1 صباحاً تتخلص الكبد من السموم، ويكون هذا الوقت المثالي للنوم العميق، من الساعة 1 إلى 3 صباحاً تتخلص المرارة من السموم وأيضاً يكون وقتاً مثالياً للنوم العميق.

مواعيد طرد السموم

تتخلص الرئة من السموم من الساعة 3 إلى 5 صباحاً، ولذلك نجد أن المريض الذي يعاني السعال سوف يزداد أكثر في هذا الوقت، والسبب في ذلك أن عملية التخلص من السموم ستكون بدأت في الجهاز التنفسي، فلا داعي لتناول دواء لإيقاف أو تهدئة السعال في هذا الوقت، حتى لا نتدخل في عملية تخلص الرئة من السموم الموجودة فيها، وهنا ننصح المدخنين بألا يقوموا بالتدخين في هذا الوقت، لأن ذلك يمنع أيضاً عملية التصريف للسموم، من خلال إضافة سموم جديدة بدلاً من التخلص من القديم، ومن الساعة 5 صباحاً يتخلص القولون من السموم، لذلك يجب التبول في مثل هذا الوقت لتفريغ المثانة ومساعدة القولون على التخلص من هذه السموم، وهنا ننصح الأشخاص الذين يعانون الإمساك المزمن أن يواظبوا على الاستيقاظ في هذا الوقت لكى يساعدوا القولون على العمل والتصريف، وفي خلال عدة أيام سينتهي الإمساك المزمن مع ضرورة الالتزام أيضاً بالغذاء المتوازن، ويتم امتصاص الغذاء في الأمعاء الدقيقة من الساعة 7 إلى 9 صباحاً، فيجب أن يتم تناول وجبة الإفطار في حدود هذا الوقت، أما المرضى الذين يعانون الأنيميا أو نقص الهيموجلوبين في الدم، فيفضل أن يتناولوا وجبة الإفطار قبل الساعة 6.30 صباحا، ومن يرغب في المحافظة على سلامة جسمه وعقله يجب أن يتناول وجبة إفطاره قبل الساعة 7.30 صباحا، والأشخاص الذين لا يتناولون وجبة الإفطار وتعودوا على ذلك يجب أن يغيروا عاداتهم، لأن ذلك من أهم أسباب تلف الكبد، والتأخر في تناول وجبة الإفطار حتى الساعة 9 إلى10 صباحاً أفضل من عدم تناولها على الإطلاق، ومن منتصف الليل إلى 4 صباحاً هو الوقت الذي ينتج فيه النخاع العظمى خلايا الدم، لذلك يجب أن ننام مبكراً وبعمق، وإن النوم المتأخر والاستيقاظ المتأخر يعملان على تعطيل الجسم من التخلص من السموم الموجودة فيه.