-

💎تولي منكو خان قيادة التتار:

وخلال هذه الأحداث لم يكن الوضع في منغوليا مستقراً، فالتتار لم يستطيعوا قبول امرأة كيوك ملكة عليهم،


ومن ثم اجتمع المجلس الوطني للتتار، واختار في سنة ٦٤٩هـ منكو خان خاقاناً جديداً للتتار، وقد أدى هذا الاختيار إلى تحول كبير جداً في سياسة التتار وتغيير جذري في المناطق المحيطة بالتتار،


فقد كان لـ منكو خان سياسة توسعية شديدة الشبه بسياسة جنكيز خان المؤسس الأول لدولة التتار، وبسياسة أوكيتاي الذي فتحت أوروبا في عهده.


ولذلك فأول ما فكر فيه منكو خان بعدما استلم الحكم هو إسقاط الخلافة العباسية واجتياح الشام ومصر وإفريقيا، وكانت أحلامه التوسعية تشمل كل مكان على الأرض


وللأسف الشديد فإن أمراء المسلمين وشعوبهم في ذلك الوقت لم تكن أبداً على مستوى الحدث الكبير، حدث تولية منكو خان وبداية الأحلام التوسعية في الأراضي المسلمة، فالناس مكثوا عشر سنين بدون قتال من سنة ٦٣٩ إلى سنة ٦٤٩، توقفت فيها الفتوحات التترية، وهي فترة حكم كيوك ثم أوغول قيميش،


والغريب جداً في هذه الفترة أن الحكام والشعوب بل والعلماء كانوا قد نسوا تماماً أن النصف الشرقي من الأمة الإسلامية واقع تحت الاحتلال التتري، وأنهم أصبحوا قاب قوسين أو أدنى من الخلافة العباسية والشام ومصر والحجاز، حتى إن المؤرخين الذين أرخوا لهذه الفترة لم يذكروا البتة شيئاً عن التتار


فعلى سبيل المثال لو فتحنا البداية والنهاية لـ ابن كثير -وهو لم يعش في تلك الفترة وإنما نقل عن المؤرخين الذين عاصروها وكتبوا عنها- من سنة ٦٣٩هـ إلى سنة ٦٤٩هـ لن تجد ولا كلمة على التتار، وكأن القضية التترية قد حلت تماماً


وسنجد ابن كثير رحمه الله يصف لنا في هذه الفترة حياة طبيعية جداً في العراق والشام ومصر، وأموراً في منتهى البساطة، فالخليفة يعالج بعض المشاكل الاقتصادية ويتصدق على بعض الفقراء، فقد يحدث وباء فيعالج، أو غلاء يشق على الناس فيأتي الخليفة يتصدق ببعض الأموال لمقاومة الغلاء، وأحدهم يفتح مدرسة، وآخر يفتح داراً للضيافة، وثالث داراً للطب، ويذكر من أحوال هذه السنوات أنه مات فلان من الأدباء، وفلان من الشعراء، وفلان من الوزراء،


وأما العلماء الذين يخطبون على المنابر وفي حلقات العلم ويشرحون للناس خطر التتار، ويذكرونهم بمصيبة المسلمين في البلاد المنكوبة بالتتار، والحكام الذين يجهزون الشعوب ليوم لا محالة هو آت فلا وجود لهم في ذلك الزمان.


فخبر التتار وأحداثهم لم تكن مشتهرة في ذلك الوقت، ولذلك اختفى ذكرها من كتب التاريخ.


وهكذا كانت أحداث ذلك الزمان تشير جميعها إلى أن اجتياحاً تترياً جديداً سوف يحدث قريباً جداً على غرار الاجتياح التتري الأول الذي حدث في زمان جنكيز خان أو الاجتياح التتري الثاني الذي حدث في زمان أوكيتاي، ولعله يكون أشد وأنكى؛ لأنه كلما ازداد خنوع المسلمين ازداد طمع التتار وغيرهم فيهم، وكلما فرط المسلمون في شيء طمع أعداء الأمة في هذا الشيء وفي الذي يليه، وهذه سنة ثابتة لأهل الباطل.

 

💎أعوان منكو خان في حكم دولة التتار:

منذ تولى منكو خان زعامة دولة التتار بدأ يفكر في إسقاط الخلافة العباسية، وقد كان قائداً قوياً حازماً، وكان له ثلاثة من الإخوة على قدر كبير جداً من القوة والقدرة على القيادة، فساعده ذلك على التملك والحكم بصورة أ: بر، فأما أخوه أريق بوقا فقعد معه في قراقورم يساعده في إدارة المملكة الواسعة.


وأما الأخ الثاني واسمه قبيلاي فقد أوكل إليه إدارة المنطقة الشرقية من الدولة التترية يعني: منطقة الصين وما حولها من أقطار.


وأما الأخ الثالث هولاكو فقد أوكل إليه فارس وما حولها، وكان واقفاً في مواجهة الخلافة العباسية الإسلامية في ذلك الوقت وكلنا نسمع عن اسم هولاكو، فهو الزعيم التتري السفاح الذي لا يمتلك أي نزعة إنسانية من أي نوع، فقد كان لا يرتوي إلا بدماء البشر، وكان تماماً كسلفه جنكيز خان لعنهما الله، فهو شخصية من أبشع الشخصيات في التاريخ قاطبة.


🌷الدكتور راغب السرجاني

عمر عبد الكافي

16:27

سلسلة التتار من البداية إلى عين جالوت

💫المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]

             ∫∫    الحـ٣٨ــلقة   ∫∫

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

💎إعداد هولاكو لغزو الدولة العباسية:

كان هولاكو واقفاً أمام الدولة الإسلامية، ولذلك كان مجال العمل الرئيسي له البلاد الإسلامية، ومعظم الدماء التي أسالها كانت دماء إسلامية، ومعظم الآلام التي زرعها في قلوب البشر كانت آلاماً في قلوب المسلمين، وكأن الحقد الذي كان في قلبه لم يكن كافياً على الأمة الإسلامية،


فتزوج هولاكو من امرأة اسمها طقز خاتون، وكانت نصرانية شديدة الحقد على المسلمين، فاجتمع الحقد التتري مع الحقد الصليبي في مواجهة الخلافة العباسية والشام وما بعدها، ولا حول ولا قوة إلا بالله.


ومنذ تسلم هولاكو قيادة القطاع الغربي من الدولة التترية وتمركز في فارس بدأ يعد العدة لإسقاط الخلافة العباسية، وبكل أمانة فقد كان إعداده لإسقاط الخلافة العباسية إعداداً مبهراً وعظيماً، وكان رد فعل المسلمين لهذا الإعداد المبهر والعظيم تافهاً وحقيراً جداً،


والله عز وجل له سنن لا تتبدل ولا تتغير، منها: أن الذي يأخذ بأسباب النصر من أهل الدنيا يعطيه الله عز وجل إياه وإن كان كافراً، والذي يتخلى عن أسبابه لابد أن ينهزم وإن كان مسلماً، يقول سبحانه وتعالى في كتابه الكريم: {مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمَالَهُمْ فِيهَا وَهُمْ فِيهَا لا يُبْخَسُونَ} [هود:١٥].


فـ هولاكو أعد إعداداً جيداً فلم يبخس أبداً، فمنذ استلم القيادة في غرب الدولة التترية سنة ٦٤٩ ومع حقده الشديد ورغبته الملحة في تدمير الخلافة الإسلامية واشتياقه الكامل لكنوز العباسيين وكثرة جنوده وتفوقه العسكري الظاهر إلا أنه برغم كل هذا لم يتسرع، ولم يدخل مباشرة، وبدأ يعد العدة في صبر مدة خمس سنوات كاملة من سنة ٦٤٩ إلى سنة ٦٥٤ في نشاط، مع أنه سيقابل خصماً ضعيفاً جداً في ذلك الوقت.


وهذا الإعداد في معظمه كان يتم علناً على مرأى ومسمع من المسلمين وغيرهم، والتاريخ يتكرر، ودول المسلمين الآن تحتل على مرأى ومسمع العالم، ويكتب عنها على صفحات الجرائد والانترنت، وتنشر عبر القنوات عن خطواته في الإعداد للغزو، ومع ذلك لا يتحرك أحد.


 💎إصلاح البنية التحتية:

وقد اشتغل هولاكو في أربعة محاور رئيسة:

✍المحور الأول: الاهتمام بالبنية التحتية، وتجهيز مسرح العمليات الذي سيتم فيه القتال؛ ليضمن بذلك استمرارية وسيولة الإمداد والتموين من الصين إلى بغداد، ومن أجل ذلك عمل الآتي:


📌١ - بدأ في إصلاح كافة الطرق من الصين إلى العراق وتهيئتها لاستيعاب الأعداد الهائلة من الجيوش التترية، مع المسافات الرهيبة الطويلة والطبيعة الجبلية القاسية لمنطقة طاجاكستان وأفغانستان وفارس والموانع الطبيعية الكثيرة في هذه المنطقة.


📌٢ - أقام الجسور الكثيرة والكبيرة على كل الأنهار في المنطقة وبالذات نهري سيحون وجيحون، ووضع قوات تترية كافية لحماية هذه الجسور، وضمان استمرار عمليات الإمداد والتموين.


📌٣ - جهز مجموعة ضخمة جداً من الناقلات العملاقة لنقل أدوات الحصار الضخمة من الصين إلى بغداد.


📌٤ - كل مدينة أو مركز يتحكم في محاور الطرق من الصين إلى بغداد وضع عليه قوات إضافية؛ حتى لا تباغت ظهور القوات التترية المتجهة من الصين إلى العراق.


📌٥ - قام بشيء عجيب وفيه ذكاء شديد، فقد أخلى كل الطرق من الصين إلى بغداد من الماشية، سواء كانت ماشية برية أو مملوكة للسكان؛ وذلك حتى تنمو الحشائش والأعشاب؛ لتكون طعاماً كافياً للأعداد الهائلة جداً من الخيول الخاصة بالفرسان والدواب المكلفة بحمل العتاد الحربي والغذاء والخيام وما إلى ذلك،


وبذلك لم يكن بحاجة لأن يحمل معه طعاماً للحيوانات، ولو تعرض لمفاجأة غياب طعام الحيوانات فقد تتعطل الحرب كلها، فالطعام بالنسبة للحيوانات مثل الوقود بالنسبة للسيارات، بل أشد، فالسيارة بإمكانها انتظار الوقود وأما الحيوان فلا يستطيع الصبر على الجوع،


وبهذا الإعداد استطاع هولاكو أن يجعل الأرض ممهدة تماماً لاستقبال الأعداد الهائلة من الجيوش التترية من كل مكان من أجل تجميعها لغزو العراق.

وهذا الكلام الذي نقوله بسهولة وبسرعة يأخذ عدة سنين، فإصلاح الطرق وإقامة الكباري وإخلاء الطرق من الماشية مجهود ضخم جداً.

 

🌷الدكتور راغب السرجاني

عمر عبد الكافي

16:27

سلسلة التتار من البداية إلى عين جالوت

💫المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]

             ∫∫    الحـ٣٩ــلقة   ∫∫

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

💎الإعداد السياسي والدبلوماسي:

✍المحور الثاني: الاستعداد السياسي والدبلوماسي، فبدأ في محاولة عقد بعض الأحلاف السياسية مع بعض الأطراف والقوى الموجودة على الأرض؛ لضمان نجاح المهمة الكبيرة وإسقاط الخلافة العباسية، وهذا تغير كبير جداً في السياسة التترية، ويحتاج إلى وقت ومجهود، والتتار طول عمرهم لم يعرفوا التحالفات ولا الدبلوماسية، فقد كانوا دائماً محاربين للأطراف الأخرى،


لأن هذه الخطوة جديدة على السياسة التترية الآن فقد تولاها منكو خان شخصياً خاقان التتار الجديد سنة ٦٥١ من الهجرة، يعني: بعد سنتين من حكمه، فقد استقبل سفارة صليبية أرسلت من قبل لويس التاسع ملك فرنسا، الذي نزل سنة ٦٤٧ في دمياط، ثم هزم في سنة ٦٤٨ في موقعتين شهيرتين جداً، أولاهما: موقعة المنصورة، والثانية: موقعة فارسكور وأسر فيها ثم فدي بالمال، وكان عنده حقد كبير جداً على الشام ومصر، ويريد أن يعيد الكرة في حربه من جديد،


ففي سنة ٦٥١هـ أرسل سفارة جديدة إلى منكو خان يريد التعاون معه ضد المسلمين، وبدأت المفاوضات ولكنها فشلت،


فـ منكو خان كان رجلاً في منتهى الصراحة، فهو لم يكن متعوداً على الأحلاف كما قلنا، ولم يكن يعرف السياسة من وجهة نظر الغرب، فالغرب عنده طرق ملتوية من تنميق الألفاظ واختيار العبارات للحصول على ما يريد دون أن يشعر الطرف الآخر أنه فرط في شيء، فـ منكو خان لم يكن يعرف أي شيء عن النفاق الأوروبي المعروف، ولا يعرف الابتسامة الأوروبية التي تخفي وراءها كل الحقد، بل كان رجلاً في منتهى البساطة والوضوح جداً، ويحدد رغباته مباشرة،


فقال في بداية المفاوضات في أول كلامه: إنني لا أقبل أن يكون في العالم سيد سواي، أنا لا أعرف كلمة صديق إنما أعرف كلمة سادة، أصدقائي هم من يتبعونني ويعلنون الولاء والطاعة الكاملة لي، وأعدائي هم الذين يحاربونني ولا يقبلون طاعتي سياسة بسيطة جداً، وهي سياسة القطب الواحد في العالم، فهو يقسم العالم إلى دول صديقة، أي: تابعة، ودول مارقة، أي: معادية، وبالطبع رفض ملك فرنسا لويس التاسع أن يتحالف على أساس هذا الشرط، ومن ثم فشلت المفاوضات الأولى بين التتار وبين نصارى غرب أوروبا.

وهذه أول مفاوضة عملها منكو خان ولم تتم.

 

🌷الدكتور راغب السرجاني

عمر عبد الكافي

16:27

سلسلة التتار من البداية إلى عين جالوت

💫المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]

             ∫∫    الحـ٤٠ــلقة   ∫∫

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

💎تحالف التتار مع هيثوم ملك أرمينية والأسباب الدافعة لذلك:


وإذا كان نصارى غرب أوروبا وملوكها القدماء يرفضون التعاون مع منكو خان على أساس التبعية فهناك من الملوك الآخرين من يقبل بذلك، ويعتبر هذا نوعاً من الواقعية،


وعلى سبيل المثال( هيثوم) ملك أرمينيا النصرانية فكر في التحالف مع التتار على أساس التبعية وكما يريد منكو خان، فملك أرمينيا يعلم قوة التتار، بل قد دمرت بلاده قبل ذلك مرتين على يد التتار، مرة في عهد جنكيز خان ثم في عهد أوكيتاي، وكذلك يعلم أن دولته ضعيفة هزيلة لا تقارن بأي حال من الأحوال بدولة التتار القوية، فمساحة أرمينيا كلها لا تزيد على ٣٠ ألف كيلو متر مربع، يعني: مثل مساحة محافظتين من محافظات مصر، وفوق ذلك فملك أرمينيا يعلم أنه محصور بين قوات التتار من جهة وقوات المسلمين من جهة أخرى، والعداء قديم جداً بينه وبين المسلمين، فهو يتحرق شوقاً لغزو بلاد المسلمين وإسقاط الخلافة العباسية، وإن لم يقبل الآن بالتبعية للتتار فسيرغم عليها غداً، فسيدخل التتار العراق وأرمينيا وساعتها سيفقد كل شيء بلا ثمن.


كل هذا دفع هيثوم إلى أن يذهب بنفسه لمقابلة منكو خان في قراقورم عاصمة المغول، فلم يبعث سفارة مثل ملوك أوروبا، ومنكو خان كان غضبان نتيجة فشل السفارة الصليبية الأولى، فبدأ يتعلم طرق السياسة والاعتماد على المظاهر والكلمات المنمقة المختارة، فأقام احتفالاً كبيراً واستقبالاً رسمياً مهيباً لـ هيثوم ملك أرمينيا، وعامله كملك لا كتابع وإن كانت كل بنود الاتفاق لا تقوم إلا بين سيد وتابع لا ملك وملك، وإنما كان كل واحد منها يمثل على الثاني تمثيلية مكشوفة لغرض السياسة، وبعد الاستقبال الحافل الكبير لملك أرمينيا قدم ملك أرمينيا نفسه على أنه من رعايا منكو خان، فأعطاه منكو خان وعوداً كبيرة وهدايا عظيمة؛ يشتري بذلك ولاءه وتبعيته، ولم يقل له: افعل كذا وكذا، ولكن فخمه وعظمه وأعطاه، وكان مما أعطاه:


📌أولاً: ضمان سلامة ممتلكات الملك هيثوم الشخصية، وهذه أهم شيء عند هيثوم.


📌ثانياً: إعفاء كل الكنائس المسيحية والأديرة من الضرائب، فالتتار كان يفرضون الضرائب على كل شيء.


📌ثالثاً: مساعدة الأرمن في استرداد المدن التي أخذها السلاجقة المسلمون من الأرمن في حروبهم معهم، وقد كان بين الأرمن وبين السلاجقة في تركيا تاريخ طويل من الحروب، فوعده منكو خان هذه المدن إليه.


📌رابعاً: اعتبار ملك أرمينيا كبير مستشاري الخاقان الكبير منكو خان فيما يختص بشئون غرب آسيا، وأعطاه مركزاً ومكانة.


وكان هذا العطف التتري على ملك أرمينيا النصراني الضعيف الذي لا تقارن قوته بأي صورة من الصور بقوة التتار لعدة أسباب، وهي:


📌أولاً: للاستفادة من خبرة ملك أرمينيا في حرب المسلمين، فالعلاقة بين الأرمن والمسلمين قديمة جداً، وقد خبر الأرمن بلاد المسلمين وطبائعهم، فلاشك أن المعلومات التي سيحملها ملك أرمينيا إلى ملك التتار سيكون لها أبلغ الأثر في احتلال بلاد المسلمين، وتذكر ما حدث بين أمريكا وإنجلترا من تحالف، فأمريكا تحالفت مع إنجلترا الضعيفة جداً مقارنة بأمريكا، ولكنها عندها خبرة كبيرة جداً في أرض المسلمين، وبالذات في أرض العراق وأفغانستان، فإنجلترا قبل ذلك احتلت أفغانستان والعراق.


📌ثانياً: حاجة التتار إلى أعوان لإدارة هذه الأملاك الواسعة، وإذا كان هؤلاء الأعوان من أهل البلد أو مجاورين له فهذا يعطيه قدرة أكبر على إدارة هذه البلاد وعلى تهدئة الشعوب في هذه المناطق.


📌ثالثاً: بهذه الخطوة يفتح ملك التتار باب المعاملات من جديد مع النصارى، فهو خسر قبل ذلك معاهداته مع النصارى في غرب أوروبا، والآن قام بمعاهدات مع ملك أرمينيا، والأرمن كاثوليك مثل غرب أوروبا، فمن الممكن أن يكون ملك أرمينيا رسولاً بين التتار وبين ملوك غرب أوروبا، فتاريخ التتار مع النصارى في أوروبا تاريخ أسود، فآلاف وملايين النصارى ذبحوا على يد التتار، ومنكو خان يريد إصلاح العلاقات من جديد من أجل أن يسقط الخلافة العباسية إسقاطاً كاملاً.


📌رابعاً: إن الاتحاد مع مملكة أرمينيا سيكون له عامل نفسي كبير عند المسلمين، فالحرب مع التتار شيء ومع قوات التحالف شيء آخر، ومع أن القوات المتحالفة مع التتار لا تمثل شيئاً بالمرة بالنسبة إلى التتار، إلا أن كلمة التحالف لها وقع خاص جداً على قلوب الناس، ومن أجل ذلك تجد الدول الكبيرة تتحالف مع دول لا قيمة لها؛ حتى يسموا جيشهم جيش التحالف.


📌خامساً وأخيراً: قد توكل إلى القوات الأرمينية المتحالفة مع التتار بعض المهام الخطرة في المناطق الملتهبة، فيحارب فيها الأرمن ويكون ضحاياها من الأرمن وليس من التتار، وهذا كما بدأت إنجلترا تسيطر على منطقة البصرة وما حولها، والناظر إلى هذه المفاوضات بين التتار وبين الأرمن يجد أن التتار لم يخسروا شيئاً مطلقا

عمر عبد الكافي

16:27

سلسلة التتار من البداية إلى عين جالوت

💫المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]

             ∫∫    الحـ٤١ــلقة   ∫∫

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

💎عقد التتار تحالفات مع بعض الإمارات الإسلامية:


ثم عقد التتار معاهدات مع بعض أمراء المسلمين لضرب بلاد المسمين، ولم يعقد منكو خان هذه المعاهدات بنفسه، فقد استهان جداً بهؤلاء الأمراء، ووكل هولاكو بعقد هذه المعاهدات مع هؤلاء الملوك والزعماء، وكان كل منهم يحمل لقباً أكبر من حجمه مليون مرة، فمنهم من يلقب بالمعظم، ومنهم من يلقب بالأشرف، ومنهم من يلقب بالعزيز، ومنهم من يلقب بالسعيد، فكل منهم يحمل لقباً.


فجاء أمراء المسلمين الضعفاء يسارعون في التتار الأقوياء، {فَتَرَى الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يُسَارِعُونَ فِيهِم يَقُولُونَ نَخْشَى أَنْ تُصِيبَنَا دَائِرَةٌ فَعَسَى اللَّهُ أَنْ يَأْتِيَ بِالْفَتْحِ أَوْ أَمْرٍ مِنْ عِنْدِهِ فَيُصْبِحُوا عَلَى مَا أَسَرُّوا فِي أَنفُسِهِمْ نَادِمِينَ} [المائدة:٥٢]،


فجاء إلى هولاكو (بدر الدين لؤلؤ) أمير الموصل ليتحالف معه، وأصبحت منطقة الشمال العراقي التي يعيش فيها الأكراد متحالفة مع التتار؛ لدخول بغداد من الشمال،


وجاء سلطان السلاجقة (كيكاوس الثاني) (وقلج أرسلان الرابع) ليتحالفا مع هولاكو، وقد كان سلطانهما في تركيا في شمال العراق، فهو مكان في منتهى الحساسية، فهم سيفتحون المجال الأرضي التركي لدخول القوات التترية من شمال العراق إلى بغداد.


وجاء (الناصر يوسف) أمير حلب ودمشق، حفيد الناصر صلاح الدين الأيوبي رحمه الله، ولكن لم يكن يشبهه في أخلاقه ولا في روحه ولا في فروسيته ولا من أي شيء، فقد كان مهيناً إلى درجة أن أرسل ابنه العزيز ليقود فرقة إسلامية تنضم إلى جيش التتار لغزو العراق.


وكذلك جاء(الأشرف الأيوبي )أمير حمص ليقدم ولاءه لزعيم التتار الجديد، وكانت هذه التحالفات بالإضافة إلى مهانتها وحقارتها في منتهى الخطورة، فقد زادت جداً من قوة التتار حتى أنهم حاصروا العراق من كل مكان، من الناحية الشمالية والغربية والشرقية، هذا بالإضافة إلى أن هذه التحالفات أدت إلى هبوط معنويات الأمة الإسلامية بشكل مريع، فلما شاهد المسلمون أمراءهم على هذه الصورة المخزية ضعفت هممهم وفترت عزائمهم وانعدمت ثقتهم تماماً في قوادهم، ومن ثم لم يعد لهم طاقة للوقوف في وجه التتار، فكانت هذه الاتفاقيات جريمة بكل المقاييس:


ثم وصل التتار إلى شخصية خطيرة جداً في البلاط العباسي نفسه، فوصلوا إلى كبير الوزراء في الخلافة العباسية، والشخصية الثانية في الدولة بعد المستعصم بالله، وهو( الوزير مؤيد الدين العلقمي الشيعي)، ولا يغرك اسمه، فقد كان رجلاً فاسداً خبيثاً جداً، وكان رافضياً، يرفض خلافتي الصديق وعمر بن الخطاب رضي الله عنهما، وكان شديد التشيع كارهاً للسنة وأهلها،


ومن العجب أن يصل إلى هذا المنصب المرموق في دولة سنية تحمل اسم الخلافة وهو على هذه الصفة، ولا شك أن هذا كان قلة رأي وضحالة فكر وسوء تخطيط من الخليفة المستعصم بالله، الذي ترك هذا الوزير المفسد في هذا المكان الخطير.


روى البخاري عن أبي سعيد الخدري رضي الله عنه أن رسول الله قال: (ما استخلف الله خليفة إلا كانت له بطانتان: بطانة تأمره بالخير وتحضه عليه، وبطانة تأمره بالشر وتحضه عليه، والمعصوم من عصم الله).


وأسوأ من ذلك أن هذا الوزير المفسد لم يتول الوزارة شهراً أو شهرين أو سنة أو سنتين، وإنما بقي فيها ١٤ سنة كاملة من سنة ٦٤٢ هجرية إلى سنة ٦٥٦ هجرية عندما سقطت بغداد، فقد تولى المستعصم بالله خلافة المسلمين سنة ٦٤٠هـ، وبعد سنتين جاء بهذا الوزير المفسد إلى مركز كبير وزراء الخلافة العباسية.


فاتصل هولاكو بـ مؤيد الدين العلقمي الشيعي، واستغل فساده وتشيعه واتفق معه على تسهيل دخول الجيوش التترية إلى بغداد بالآراء الفاسدة الاقتراحات المضللة على قدر ما يستطيع، في مقابل أن يكون له شأن في مجلس الحكم الذي سيدير بغداد بعد سقوط الخلافة، فقام الوزير الفاسد بدوره على أكمل وجه، كما سنرى.


هذه هي الجهود الدبلوماسية التي قام بها منكو خان وهولاكو، ومن خلالها يتبين أنهما بذلا جهداً كبيراً وضخماً للإعداد لهذه الحملة الرهيبة، وقد أخذت هذه الجهود منهما ٥ سنوات كاملة، فقد تعاونا تعاوناً قوياً مهماً مع ملوك أرمينيا والكرج وأنطاكية النصارى، وحيداً إلى حد كبير أمراء الإمارات الصليبية في الشام، وأقاما تحالفات سرية مع نصارى الشام والعراق، وتحالفا مع بعض أمراء المسلمين، ومع الوزير الفاسد مؤيد الدين العلقمي الشيعي.


ويجدر القول هنا أن المسلمين بصفة عامة كانوا يراقبون الموقف عن بعد وكأنه لا يعنيهم،

 

🌷الدكتور راغب السرجاني

عمر عبد الكافي

16:27

سلسلة التتار من البداية إلى عين جالوت

💫المحـ4ـاضرة [خطة غزو العراق]

             ∫∫    الحـ٤٢ــلقة   ∫∫

- - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - - -

💎الحرب النفسية ضد المسلمين:

✍والمحور الثالث الخطير: الحرب النفسية على المسلمين، فـ هولاكو كانت له أكثر من طريقة لشن حرب مهولة نفسية على المسلمين قبل اللقاء والحرب وإسقاط بغداد، ومن هذه الوسائل مثلاً: القيام بحملات إرهابية استنزافية في المناطق المحيطة بالعراق؛ لتذكير المسلمين بالذكريات الأليمة الرهيبة في عهد جنكيز خان وأوكيتاي، فقد مضى إلى الآن ١٠ سنين من سنة ٦٣٩هـ إلى سنة ٦٤٩هـ، ولم يكن فيها مجازر، فأراد تذكيرهم بذلك، فقام بمجازر بشعة في شمال العراق وما حولها فقتل ونهب وسلب، كما كان يفعل التتار قبل ذلك، وفوق ذلك سيطر على القوافل التجارية، وذلك لعمل ضربة اقتصادية كبيرة للعراق قبل غزوها، فعلى سبيل المثال استولى على قافلة تجارية بلغت الأموال فيها ٦٠٠ ألف دينار، وكان هذا ضربة اقتصادية في منتهى القوة للخلافة العباسية، وعلى هذه الشاكلة كانت هناك حروب كثيرة لإضعاف الروح المعنوية للمسلمين.


وأيضاً من الوسائل الخطيرة التي استخدمها التتار لإضعاف الروح المعنوية: الوصول إلى بعض الأدباء والشعراء المسلمين؛ ليقوموا بحرب إعلامية قذرة داخل البلاد الإسلامية، يعظمون فيها جداً من إمكانيات التتار ويقللون جداً من إمكانيات المسلمين؛ حتى لا يتخيل مسلم أنه يحارب تترياً، فتجد أن الكتب في ذلك ملأت بكلمات غريبة، مثل: التتار تصل إليهم أخبار الأمم ولا تصل أخبارهم إلى الأمم، وأن نساءهم يقاتلن كرجالهم، فبدأ رجال المسلمين يخافون من نساء التتار، وأن خيول التتار تحفر الأرض بحوافرها وتأكل عروق النبات ولا تحتاج إلى الشعير، وأن التتار لا يحتاجون إلى الإمداد والتموين، وأنهم يأكلون جميع اللحوم ويأكلون بني آدم.


وهذه الكلمات موجودة في الكتب، وكانت ترعب العوام وتؤثر في نفوس الخواص.

وهذا إعلام إسلامي عميل في داخل البلاد الإسلامية، ولا حول ولا قوة إلا بالله.


Comments

Search This Blog

Archive

Show more

Popular posts from this blog

TRIPASS XR تري باس

CELEPHI 200 MG, Gélule

ZENOXIA 15 MG, Comprimé

VOXCIB 200 MG, Gélule

Kana Brax Laberax

فومي كايند

بعض الادويه نجد رموز عليها مثل IR ، MR, XR, CR, SR , DS ماذا تعني هذه الرموز

NIFLURIL 700 MG, Suppositoire adulte

Antifongiques مضادات الفطريات

Popular posts from this blog

علاقة البيبي بالفراولة بالالفا فيتو بروتين

التغيرات الخمس التي تحدث للجسم عند المشي

إحصائيات سنة 2020 | تعداد سكَان دول إفريقيا تنازليا :

ما هو الليمونير للأسنان ؟

ACUPAN 20 MG, Solution injectable

CELEPHI 200 MG, Gélule

الام الظهر

VOXCIB 200 MG, Gélule

ميبستان

Popular posts from this blog

TRIPASS XR تري باس

CELEPHI 200 MG, Gélule

Popular posts from this blog

TRIPASS XR تري باس

CELEPHI 200 MG, Gélule

ZENOXIA 15 MG, Comprimé

VOXCIB 200 MG, Gélule

Kana Brax Laberax

فومي كايند

بعض الادويه نجد رموز عليها مثل IR ، MR, XR, CR, SR , DS ماذا تعني هذه الرموز

NIFLURIL 700 MG, Suppositoire adulte

Antifongiques مضادات الفطريات

Popular posts from this blog

Kana Brax Laberax

TRIPASS XR تري باس

PARANTAL 100 MG, Suppositoire بارانتال 100 مجم تحاميل

الكبد الدهني Fatty Liver

الم اسفل الظهر (الحاد) الذي يظهر بشكل مفاجئ bal-agrisi

SEDALGIC 37.5 MG / 325 MG, Comprimé pelliculé [P] سيدالجيك 37.5 مجم / 325 مجم ، قرص مغلف [P]

نمـو الدمـاغ والتطـور العقـلي لـدى الطفـل

CELEPHI 200 MG, Gélule

أخطر أنواع المخدرات فى العالم و الشرق الاوسط

Archive

Show more