ملفات غامضة,وثيقة التقسيم الصهيونية


خلفية تاريخية ..

قامت الحرب العالمية الأولي في بادرتها لتقسيم دول عدة كان أبرزها الدول العربية، والتي أظهرت عددًا من الخرائط القديمة ترجع إلى العقدين الثاني من القرن العشرين، مثل خطة بريطانيا- فرنسا في تشكيل شرق أوسط جديد. كثيرًا من المخططات السياسية، لم تظهر أسبابها أو عواقبها إلا بعد فترة كبيرة من الحرب، حتي يتبين للناس الأسباب الأساسية لتلك الحرب، وتوابعها وحقيقتها، والتي باتت معظمها كامنة في رحم التاريخ، حتى طفحت بعضها على السطح بعد ما يقرب من قرن كامل على الحرب.

تقسيم الحدود الدولية، كانت أكبر أهداف بريطانيا وفرنسا في تلك المرحلة، وذلك لبسط نفوذ الدولتين على دول عدة خضعت حينها تحت السيطرة البريطانية والفرنسية، ولإضعاف الدول ظهر مخطط التقسيم، ولذلك اتفق كل من مارك سايكس، ممثلًا عن الحكومة البريطانية، وفرانسوا جورج بيكو، ممثلًا عن الحكومة الفرنسية، في اتفاقهما المبرم عام 1916، والشهير باسم اتفاقية “سايكس- بيكو“.

اعتقاد القائدين بأن شعوب المنطقة ستصبح أفضل حالًا تحت حكم الإمبراطوريات الأوروبية، وبعد التقسيم ذلك، جعلت من حلم التقسيم واقعًا مفروضًا على الدول، فيما لا تزال مبادئ الاتفاق الرئيسة، التي تفاوض بشأنها الاثنان وسط اضطرابات الحرب العالمية الأولى، أثرت كثيرًا في المنطقة حتى اليوم، وذلك بعد تقسيم منطقة نفوذ الحكم العثماني منذ بدايات القرن السادس عشر إلى دول جديدة، وضعت تلك الكيانات السياسية تحت نطاقين من النفوذ، أحدهما تحت سيطرة النفوذ البريطاني، والذي تمثل في “العراق، شرق الأردن، فلسطين”، أما نصيب فرنسا، تمثَّل في “سوريا، لبنان”. ولتخفيف إحراج الفرنسيين والبريطانيين بعد كشف الاتفاقية ووعد بلفور، صدر كتاب تشرشل الأبيض سنة 1922 لتوضيح نتائج التقسيم بلهجة مخففة، وليبرر أغراض السيطرة البريطانية على فلسطين، وبعدها أقر مجلس عصبة الأمم وثائق الانتداب على المناطق المعنية، لإرضاء أتاتورك واستكمالًا لمخطط تقسيم وإضعاف سوريا، أعقبها التنازل عن الأقاليم السورية الشمالية لتركيا، إضافة إلى بعض المناطق التي كانت قد أُعطيت لليونان في معاهدة لوزان و معاهدة سيڤر .

وأصبحت مصر تحت سيطرة بريطانية، فيما سيطرت فرنسا على دول المغرب. إلا أن حلم الاستقلال في تلك البلدان لم يتحقق، ولذلك طغت نفوذ القوى الاستعمارية في العشرينيات والثلاثينيات وحتى الأربعينيات على العالم العربي، وظهرت قوة سياسية عربية في شمال إفريقيا وشرق البحر المتوسط، والتي نجحت في بناء أنظمة دستورية ليبرالية، وهو ما حدث في مصر وسوريا والعراق في بداية القرن العشرين، وتحولت هذه القوة إلى قومية حاسمة، والتي ركزت أهدافها على التخلص من الاستعماريين والأنظمة التي تعاونت معهم. وبعد مرور مائة عام على الحرب العالمية الأولى، استمرت مخططات الغرب لافتعال الصراعات والاضطرابات في المنطقة العربية، من أجل تقسيمها وإضعافها والتدخل في شؤونها.

الخطة الصهيونية للشرق الأوسط في الثمانينيات ..

 لا يخفى على احد مدى الحقد الذي يكنه الصهاينة للعرب والمسلمين على العموم، وفي ذلك يقودون حربا شرسة منذ آلاف السنين، يتطلعون خلالها إلى الفتك بمكامن قوة الدول العربية والعمل على إشعال الفتن بهدف التقسيم والهيمنة على العالم العربي من المحيط إلى الخليج، وهذا ما كشفته وثيقة تاريخية، لتنزع النقاب عن المخططات التاريخية التي أوقعت العرب في فخ بني صهيون !

الحرب على العراق منذ مطلع الثمانينيات، ولبنان، وليبيا في 2011، والحرب الجارية الآن في العراق، وسوريا، واليمن، وعملية تغيير النظام في مصر، يجب أن تُفهم في علاقتها “بالخطة الصهيونية للشرق الأوسط”، هذا ما قاله الموقع الإلكتروني لمركز دراسات العولمة الأمريكي (غلوبال ريسيرش) الذي نشر وثيقة للصحفي الإستراتيجي  أوديد ينون، والتي تستند إلى رؤية مؤسس الصهيونية ثيودور هيرتزل مطلع القرن الماضي ومؤسسي دولة الكيان الصهيوني نهاية الأربعينيات، ومنهم الحبر اليهودي فيشمان. 

أهمية الوثيقة ..

قال شوسودوفسكي إن هذه الوثيقة التي نُشرت لأول مرة في 1982 والمتعلقة بإقامة  مايسمى “إسرائيل الكبرى” تشكل حجر الزاوية في سياسات القوى السياسية الصهيونية الممثلة في الحكومة الحالية لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، وكذلك في سياسات مؤسستي الجيش والاستخبارات.

00وأشار إلى أن هذه الخطة تركّز على إضعاف الدول العربية وتقسيمها لاحقا كجزء من المشروع التوسعي الصهيوني، وعلى الاستيطان بالضفة الغربية وطرد الفلسطينيين من فلسطين وضم الضفة وقطاع غزة لإسرائيل، وأضاف أن ما يسمى  “إسرائيل الكبرى” ستضم أجزاء من لبنان وسوريا والأردن والعراق ومصر والسعودية، وستنشئ عددا من الدول الوكيلة لضمان تفوقها في المنطقة، وأن وثيقة ينون هي استمرار لمخطط الاستعمار البريطاني في الشرق الأوسط. .

وأورد أن الإستراتيجي الصهيوني  يرى العراق التحدي الإستراتيجي العربي الأكبر للكيان، “وهذا ما جعل كاتب الوثيقة يحدد العراق بوصفه أكبر فصول “بلقنة” الشرق الأوسط والعالم العربي”.

ودعا ينون إلى تقسيم العراق إلى دولة كردية ودولتين عربيتين واحدة للشيعة وأخرى للسنة، وقال “مطلع الثمانينيات” إن الخطوة الأولى لتحقيق ذلك هي حرب بين العراق وإيران، وأشار إلى أن خطة جو بايدن نائب الرئيس الأمريكي الحالي تدعو الآن إلى نفس ما دعا إليه ينون، وأضاف أن ينون دعا أيضا إلى تقسيم لبنان وسوريا ومصر وإيران وتركيا والصومال وباكستان، وتقسيم دول شمال أفريقيا، وتوقع أن يبدأ ذلك من مصر، وينتشر إلى السودان وليبيا وبقية المنطقة، وسيتم تقسيم الدول العربية وغيرها على أسس عرقية أو طائفية وفقا لحالة كل دولة.

الاحتلال  المهيمن ..

تتطلب إقامة  ما يسمى “إسرائيل الكبرى” تفتيت الدول العربية القائمة حاليا إلى دويلات صغيرة تصبح كل منها معتمدة على الاحتلال في بقائها وشرعيتها، لأن الأخيرة لا تستطيع الاستمرار في البقاء إلا إذا أصبحت قوة إقليمية مهيمنة “إمبريالية”.

وقالت رابطة خريجي الجامعة العربية-الأمريكية في بيان لها عام 1982 إن وثيقة ينون هي أكثر الوثائق وضوحا وتفصيلا “حتى اليوم” بشأن الإستراتيجية الصهيونية في الشرق الأوسط، وإن أهميتها لا تتعلق بقيمتها التاريخية، بل “بالكابوس الذي تعرضه”.

وأضافت الرابطة أن دولة الكيان  لا تخطط لعالم عربي، بل لعالم من عرب مقسمين ومشتتين وجاهزين للخضوع لهيمنتها، وأشارت إلى أن عملية تحقيق هدف إبعاد الفلسطينيين من فلسطين لم تتوقف أبدا، لكنها تنشط كثيرا وقت الحروب.

جوهر الكيان الصهيوني ..

وذكرت أن الفلسطينيين، وفقا لوثيقة ينون، ليسوا الهدف الوحيد للمخطط الصهيوني، لكن الهدف ذا الأولوية بحكم أن وجودهم مستقلين وقدرتهم على البقاء كشعب يتناقض وجوهر الدولة الصهيونية، كما أن أي دولة عربية، خاصة تلك التي تتمتع برؤى قومية واضحة ومتسقة، هي الأخرى هدف أكيد عاجلا أم آجلا.

وقالت الرابطة “في عام 1982” إنه، وعلى عكس هذه الإستراتيجية الصهيونية غير الغامضة والمفصّلة تماما، فإن الإستراتيجية الفلسطينية والعربية غامضة ومفككة ومشوشة، ولا يوجد دليل على أن الإستراتيجيين العرب قد أخذوا الخطة الصهيونية بكل أبعادها ونتائجها مأخذ الجد، أماإسحق شاحاك، الذي ترجم وثيقة ينون وحررها، فقد كانت تعليقاته مماثلة لتعليقات شوسودوفسكي، لكنه أضاف تعليقا على الجانب العسكري، قائلا إن هذه الخطة لم تذكر أي شيء عن هذا الجانب.

كيفية الحكم ..

وقال إن الصهاينة يفهمون أنهم لا يملكون الجيش الكافي، بشريا، لاحتلال كل هذه المنطقة الواسعة لما يسمى إسرائيل الكبرى، وليس هذا وحسب، بل إن جيشهم غير كاف حتى خلال انتفاضات الفلسطينيين بالضفة الغربية، وإن الحل لهذه المشكلة يكمن في أسلوب الحكم عن طريق ما أسماه “قوات حداد” أو “روابط القرى” المحلية تحت قيادات منفصلة تماما عن مواطنيها، وبالرد على أي محاولة للتمرد بالقمع الشديد، أو إبادة مدن بأكملها.

“إسحق شاحاك:العالم العربي بما فيه الفلسطينيون لا يطيق التحليل المفصّل والعقلاني للمجتمع الإسرائيلي-اليهودي، وحتى الذين يحذرون بأعلى أصواتهم من التوسع الصهيوني لا يفعلون ذلك استنادا إلى معرفة واقعية ومفصّلة، بل استنادا إلى العقيدة”

كما علق شاحاك على ترجمته ونشره الوثيقة، قائلا إن السبب هو الطبيعة المزدوجة للمجتمع الصهيوني المتمثلة في الحرية والديمقراطية الواسعتين لليهود والروح التوسعية والتمييز العنصري التي لا يستطيع جزء من النخبة استيعابه إلا مكتوبا.

كذلك أوضح عدم الأخذ في الاعتبار المخاطر المتوقعة من خارج الاحتلال من هذا النشر، قائلا إن العالم العربي بما فيه الفلسطينيون لا يطيق التحليل المفصّل والعقلاني للمجتمع الصهيوني ، وحتى الذين يحذرون بأعلى أصواتهم من التوسع الصهيوني  لا يفعلون ذلك استنادا إلى معرفة واقعية ومفصّلة، بل استنادا إلى العقيدة. 

العجز العربي ..

ومن ضمن ما قالته وثيقة ينون إن الدول العربية، وبسبب أقلياتها العرقية والطائفية لا تستطيع التعامل مع مشاكلها الأساسية، وبالتالي لا تشكل تهديدا حقيقيا لإسرائيل على المدى البعيد، وفصّلت الوثيقة كثيرا حول هذه النقطة وحول كل دولة عربية تقريبا.

وقالت إن العراق لولا قوة نظام حكمه وجيشه وموارده النفطية لكانت حاله ليست أفضل من لبنان، والدول الإسلامية (إيران، وباكستان، وتركيا، وأفغانستان) لا تختلف كثيرا عن الدول العربية، ووصفت المنطقة من المغرب إلى الهند ومن الصومال إلى تركيا بالاضطراب والهشاشة.

ودعت بقوة إلى إعادة سيناء لدولة الاحتلال نظرا “لثرائها في النفط والغاز والمعادن الأخرى”، وقالت إن مصر لا تمثل مشكلة عسكرية إستراتيجية بسبب صراعاتها الداخلية، “ومن الممكن لإسرائيل أن تعيدها إلى مرحلة ما بعد حرب جوان خلال يوم واحد”، وأعربت عن الأسف لعدم استغلال حرب جوان 1967 لطرد الفلسطينيين غرب النهر وتسليمهم الأردن.

وقالت إنه إذا تفتت مصر، فإن دولا مثل ليبيا والسودان وحتى الدول العربية الأبعد ستتفتت هي الأخرى، وإن قيام دولة الأقباط المسيحيين في صعيد مصر مع دويلات ضعيفة حولها هو المفتاح لعملية تاريخية في المستقبل تأجلت بسبب اتفاقية السلام، لكنها حتمية على المدى البعيد.




Comments

Search This Blog

Archive

Show more

Popular posts from this blog

TRIPASS XR تري باس

CELEPHI 200 MG, Gélule

ZENOXIA 15 MG, Comprimé

VOXCIB 200 MG, Gélule

Kana Brax Laberax

فومي كايند

بعض الادويه نجد رموز عليها مثل IR ، MR, XR, CR, SR , DS ماذا تعني هذه الرموز

NIFLURIL 700 MG, Suppositoire adulte

Antifongiques مضادات الفطريات

Popular posts from this blog

علاقة البيبي بالفراولة بالالفا فيتو بروتين

التغيرات الخمس التي تحدث للجسم عند المشي

إحصائيات سنة 2020 | تعداد سكَان دول إفريقيا تنازليا :

ما هو الليمونير للأسنان ؟

ACUPAN 20 MG, Solution injectable

CELEPHI 200 MG, Gélule

الام الظهر

VOXCIB 200 MG, Gélule

ميبستان

Popular posts from this blog

TRIPASS XR تري باس

CELEPHI 200 MG, Gélule

Popular posts from this blog

TRIPASS XR تري باس

CELEPHI 200 MG, Gélule

ZENOXIA 15 MG, Comprimé

VOXCIB 200 MG, Gélule

Kana Brax Laberax

فومي كايند

بعض الادويه نجد رموز عليها مثل IR ، MR, XR, CR, SR , DS ماذا تعني هذه الرموز

NIFLURIL 700 MG, Suppositoire adulte

Antifongiques مضادات الفطريات

Popular posts from this blog

Kana Brax Laberax

TRIPASS XR تري باس

PARANTAL 100 MG, Suppositoire بارانتال 100 مجم تحاميل

الكبد الدهني Fatty Liver

الم اسفل الظهر (الحاد) الذي يظهر بشكل مفاجئ bal-agrisi

SEDALGIC 37.5 MG / 325 MG, Comprimé pelliculé [P] سيدالجيك 37.5 مجم / 325 مجم ، قرص مغلف [P]

نمـو الدمـاغ والتطـور العقـلي لـدى الطفـل

CELEPHI 200 MG, Gélule

أخطر أنواع المخدرات فى العالم و الشرق الاوسط

Archive

Show more