شيء ما يجعلني أراسلك بعد انقطاع لسنوات علّي أجد في كلماتي إليك أنسًا لا أجده بدونك!
أتعلم؟ ربما هذا الشعور الذي يراودني أنك لن تكون أبدًا سوى محض خيال، راسلتك آلاف المرات قبلًا، ناشدتك أن تأتني في أكثر أوقاتي احتياجًا إليك لأبكي على صدرك، ولكنك أبدًا لم تأت، أتذكُر المرة الأولى التي أخبرتك فيها أني أشتاق إلى رؤياك؟، وأني سأنتظرك مهما طال الوقت ويقيني أنك آت، كنت على أعتاب مراهقتي مبهورة برسائل الكُتاب وعشقهم الشجي، حلمت كثيرًا أن يومًا ما ستصلني تلك الرسائل الأدبية منك ومن سواك، حلمت أني سأتربع على عرش الأدب، تحمل المكاتيب لتلقى تحت قدمي ولا أهفو إلا لذاك الذي أشتم رائحتك فيه حتى دون أن أفتحه.
لا أدري ربما ما أفعله هو درب جنون، ولكن أليس في الجنون لمن مثلنا حياة؟ راسلتك مرارًا بعروبتي، كفلسطيني أبث فيك من روحي أن حُرِقت أشجار زيتوني وأسقطت حمامتك غصن السلام مع رسائلك المعدومة، وكاتبتك كعراقي آلمني أن تسقط عزة بلادك وأن تحني هامتك، فوجدتني أخبرك أني هاهنا سآتيك بكل جيشي وعدتي وعتادي لأني بك ولك جيش لا يستهان به، وأعدت لك القهوة اليمنية وأنت توقع قرار وقف نزيف دم الأخوة على رمال اليمن الحبيبة، ومن يفعلها سواك وقد خلقتك من خيالي لدرء الفتن؟! ومرارًا سلمتك رسائلي محاطة بأوراق الياسمين السورية وأنا أشد على عضدك أن لا منجى للأرض والعرض سوى بالصمود
وأخبرتك بلغتي المصرية على أوراق الصدق أنك صديقي الأثير الذي لطالما حلمت به جواري أخ وأب وصديق وخليل، ونحيت العشق جانبًا لأنه يودي بنا لغيابات الجسد، والجسد كما تعلم ملول يزهد من أمِن وصاله ويشتهي البعيد حتى وإن كان رديء، وإني حينما كبرت علمت حقًا ألا صداقة عفيفة بين رجل وامرأة، وأن سيأتي يوم تضعف الغريزة ويقول أحدنا هيت لك، فخلقتك من وهم احتياجي كما كنت أروم، أيا صديقي اشتقت إليك حقًا وزاد وهج الاحتياج ليضيء ظلمة عالمك ويعيد لعينيك الرماد، ها أنا أخبرك بكل اللغات والعروق والأجناس بأني سأعيد عليك الأحرف مرارًا وتكرارًا إلى أن تجيء، حاملًا بين يديك مشاعل العرفان، وحتى إن لم تأت فاعلم أن هناك امرأة خلقتك من وحي خيالها وبثت فيك من روحها، وصنعت على عينها فأحسنت فيك الجمال ونزعت منك حيوانية البشر وغرائزهم.
لا أعلم سر خطابي الآن ربما اشتقت لمحادثتك دون أن أنتظر منك رد، وربما لأني تيقنت أن الوهم لن يمسك القلم يومًا ويكاتبني، فكتبت الآن وأنا موقنة أن لن تصيبني أسهم الوشايات، فكيف تعاقب امرأة حرة على رسائل لرجل صنع من وحي الخيال؟
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع