غلاء المعيشة
شح المدخول اللامتناسب مع المصروف
مريض لا يقدر على ثمن كشفية طبيب وشراء دواء
عائلة ضاق بها الحال والحيلة قليلة
صبي يشتهي قطعة حلوى او حبة فاكهة ويبقى اشتهاء وصعبٌ المنال
كُثُر ذكور إناث صغار كبار دفعتهم لقمة العيش الى الهرولة ليعملوا على تأمينها في اشغال لا تسد رمق وارباب العمل استغلال لارحمة ولا تقدير حال وعاطلون عن العمل صاروا عاطلين عن الاخلاق
تراكم حاجة كوارث تودي الى مالا يحمد عقباه والعمل ممن عليهم عاتق الاصلاح واعادة التوازن لا حياة لمن تنادي
نماذج متعددة تراها تجعلك في حالة أسى على تدهور النفوس واتجاه العقول نحو الأسوأ بسبب ضيق الحال إلا من رحم ربنا
دخلت الى الصيدلية وقفت انتظر بعض الزبائن ريثما ينهي الصيدلي طلباتهم
طفل لا يتعدى العاشرة طلب ظرف دواء سأل عن سعره لم يكن في حوزته كامل المبلغ المطلوب والواضح ان هذا هو المتوفر مع من ارسله وما نقص كان مبلغا زهيدا وانا اعرف نوع الدواء يؤخذ يوميا ولفترة طويلة فكيف سيكفي ظرف واحد لكن يبدو لا استطاعة اكثر من ذلك وبعدها ماذا سيفعل المريض؟شيئ يوجع القلب
سحب الصيدلي الظرف وقال اريد الثمن كاملا والا هذا سيعود عليّ بالخسارة تقدم احدهم واكمل النقص غادر الطفل وهو في حالة حرج مع شكر خافت خجول
سرحت في التفكير ربما الصيدلي لم يقصد السوء فهو ايضا يدفع مبالغ ليست بقليلة لشراء كم من الادوية وكل يوم تزيد الاسعار غير الضرائب المترتبة ويوميا يدخل زبائن بينهم من لايملك مايكفي فلو انه سامح هذا وذاك فعلا سيعود عليه بالخسارة والصبي لاذنب له واهله مؤكد محدودوا الدخل وكثر مثلهم والله اعلم بحالهم وهنا تُقلّب التفكير لو ان الزبائن دفعوا الثمن كاملا وقالوا للصبي اعد النقود لاهلك ربما يخفيها عنهم لشراء ما هو محروم منه او ربما يعيدها ليس الأمر اساءة ظن انما معطيات الظروف الصعبة تأخذك في كل الاتجاهات وهنا تسأل نفسك وانت تعرف الاجابة من الملوم ومن المعذور فيما يحصل من سيناريوهات مواقف و افعال في خضم هذه الفوضى لا حل يسعف فالأنا المنفردة هي الجراد المبثوث ولا يوجد نحن اياد متشابكة تصنع الحل
بعدها دخلت فتاتان جميلتان كزهر الربيع تسألان اليست هذه صيدلية فلان لفظتا الاسم خطأ قلت الاسم مكتوب على الباب ردت احداهن لا نعرف القراءة نظرت اليها بأسف رغم علمي بانتشار هكذا عادات في كثير من البلدان تبعا لعادات بالية لكن سألت لماذا؟ قالت بغصّة التعليم للفتيات ممنوع في عرف منطقتنا يفسد الاخلاق أمّا ان يزوجونا صغارا ويرموا بنا للعمل في المصانع من اجل المال فهذا امر عادي
اي شراكة عمر المحاطة بالجهل وانغلاق العقل ترمي بزوجة او اخت انت المسؤول عنها للعمل في اي مكان لكسب بعض دراهم تضعها في جيبك تقلل من شأنها وتجعل الشقاء رفيقها وأي اعراف غبية تلك التي تسنُّ قوانين جائرة تحرم الانسان من حقه في التعليم والعمل المناسب والمكان اللائق دخلنا الألفية الثالثة ومازال هناك انماط تعيش في الحضيض لاتبتغي سلّم عقل لتصعد ولو بأقل الامكانيات
اطفال في الأزقة والشوارع امتنهوا اساليب خبيثة للتسول بشكل مدروس وهذا ليس بذكاء منهم واضح انهم تحت ادارة اشخاص استغلوا ظروفهم وحتى هناك من الاهل من يدفع بالأبناء للتسول بحجة الحاجة
في احد الأزقة طفل يتصنع البكاء امامه اكياس مناديل مبعثرة .. ماقصتك؟ اجاب دون ان يرفع رأسه هاجمني بعضهم سرقوا نقودي وبعثروا بضاعتي ... كم المبلغ؟ عشرون الف اجاب ... الحارة مليئة بالغادي والساري كيف يُهاجَم طفل دون ان يراه احد قلت لأختي هيا بنا الولد يكذب هي طريقة لاقتناص المال والتباكي سنارة صيد على ناصية زقاق آخر نفس السيناريو والتمثيل والمناديل كم هو غبي الكاتب على الاقل قليل من التعديل للإقناع ويضيع جيل نشأ بلا مستقبل بلا امان وربما تعقبه اجيال إن لم يجد منقذا ينتشله قبل فوات الأوان
أعود وأقول حين تلوي الأيادي العابثة عنق حقوق الانسان المخلوق للاعمار والعيش الكريم وتخلق واقعا قاسيا شرسا يفرز بحراً من فقر وجهل تُحَطِّمُ في خضمّه مراكب السعي نحو الأفضل على صخور الفقر والقهر
لكن إن وُجِد الاتحاد والنهوض من القاع نحو الأعلى بصدق في القول والفعل والعمل سيكون مفتاح باب العسر يسري الى دروب اليسر ولو طال الوقت سيأتي بعد العسر يسرا .
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع