فيتامين
عام 1987 دعوا دورتنا الى الاقامة القدمى، و الاقامة القدمى معناها ان تختار احد فروع الطب تداوم بيه سنة و وراها من حقك تقدم على الامتحان التنافسي للحصول على الاختصاص حسب قوانين هذاك الزمان.
اني بهذاك الوقت كان الي خمس سنوات بالجبهة بحرب ايران و بس اريد ارجع لان الطبيب المستجد لازم يتدرب تحت يد اطباء اكثر خبرة و علم منه حتى يكتسب مهارات العمل و بنفس الوقت يقرأ المواد النظرية الي ما تكفي وحدها لجعل الطبيب قادرا على علاج المرضى بدون مهارات عملية.
المهم رحت للمقابلة و اني مرتاح لأن درجاتي بالكلية زينة و كنت من الربع الاول بكليتي و هذا حسب ما نعرف كان احد العوامل المساعدة في الحصول على الاختصاصات التي عليها رغبة و تنافس شديد.
دورتنا كانت عدد الاطباء بيها كبير و بدوا يصيحون الاسماء بشكل عشوائي والي يدخل بالبداية يحصل الاختصاص المرغوب و الي يتاخر يفرضون عليه اي شي.
من وصلني السرة ما باقي بس اشعة و تخدير حسب ما كالت لجنة التوزيع، و تاليها ذبوا براسي اختصاص التخدير الي ما كانت راغب بيه و هو من الاختصاصات غير المرغوبة في العراق رغم اهميته.
.
بديت اداوم على مضض بس كانت فرصة اتفرج على كل الاختصاصات الجراحية لأن كنت انطي بنج لمرضى مختلف التخصصات في العمليات.بعد فترة اقل من سنة همزين انفتح التقديم على البورد التخصصي في العراق و قدمت على بورد الكسور و تنافست مع عشرين شخص و نجح اثنان في الامتحان التنافسي كنت احدهم، و هكذا دخلت على اختصاص الكسور و جراحة العظام بعد سبعة شهور تخدير.
اليوم تذكرت حادثة صارت لمن كنت اداوم كمقيم اقدم بالتخدير حبيت اشاركها وياكم لطرافتها.
احد الايام و كالعادة وزعوا اطباء التخدير في المستشفى من الصبح على صالات العمليات و طلع اسمي على احد الصالات التخصصية, و لمن قريت اسم الجراح على قائمة العمليات استعذت بالله، لان هذا الطبيب كان احد انحس الجراحين في المستشفى و يتعامل دائما بطريقة تزعج و توتر كل من حوله رغم كونه جراح متمكن جدا و فاهم لأختصاصه.
بهذيج السنة كان دواء (الفنتا نيل) المسكن القوي و الذي يصنف الان كأحد اخطر العقاقير المخدرة توة داخل لمستشفيات العراق و تم تدريبنا على زرقه للمرضى ببطء شديد لانه يثبط عمل الجهاز التنفسي و قد يوقف التنفس اذا تم زرقه في الوريد بسرعة. و حتى لو نزرقه ببطء فأن المريض الذي يتم اعطائه التخدير بدون تنفس اصطناعي سيحتاج الى دعم تنفسي من خلال الضغط على نفاخة الاوكسجين الي يطلعوها بالافلام المصرية تفش و تنفخ و من توكف يكولون بالفلم المريض مات. (طبعا هاي غلط)
المهم اثناء ما كان الجراح يفتت حصوة المريض بجهاز التفتيت، انطيت للمريض جرعة فنتانيل حتى يقلل الألم اثناء التخدير. و بعد شوية تباطأ تنفس المريض فكمت انفخله اوكسجين بالنفاخة اليدوية (و هذا كان شيء متوقع و عادي).
هنا بدت القصة، سألني الجراح شلونه المريض كتله زين، كال لعد ليش دتنفخله هواء؟ ليش هو ما ديتنفس؟ كتله التنفس مالته هبط شوية لذلك دا نفسه يدويا، ماكو مشكلة، استمر بالعملية.
هنا سألني هاي شنية الابرة الي انطيتها للمريض، اني جاوبته و كلتله
(فنتا نيل) اشو هذا على غفلة وكف على حيله و صار عصبي و كال بصوت عالي شنو (فيتامين)؟ اني داتشاقى وياك؟
اني ضحكت هههه وصلحتله و كتله فنتانيل مو فيتامين. اشو هذا انفعل بالزايد و بشكل مو طبيعي و كال صيحوا الاخصائي، ورة شوية اجا احد اختصاصيي التخدير و طلعت اني من الصالة.
عبالي المشكلة انتهت لكن طلع الاستاذ الجراح رايح على مدير شعبة التخدير مشتكي عليه يكولهم سالته شانطيت للمريض يكولي فيتامين.
المهم اجتمعوا اطباء التخدير وياه و فهموه اكو دواء جديد اسمه فنتانيل مو فيتامين و دكتور شاكر كالك الاسم الصحيح. طلع الاستاذ ما سامع باسم الدواء الجديد.
المهم انتهت المشكلة الى هذا الحد، و اني طبعا استفاديت وراها لان بعد نهائيا ما خلوني بصالة العمليات الي هو يسوي عمليات بيها و ارتاحيت من التوتر الى ان حولت على الكسور و انتهت قصتي مع التخدير.
Comments
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع