فيودور ميخائيلوفتش دوستويفسكي ..
روائي وصحفي وكاتب مقالات روسي ، لكن شهرته كانت في فن الرواية ..
ولد سنة 1821 وتوفي سنة 1881 ، تزوج مرتين ، الأولى ماريا ماتت أثر مرض السل الرئوي وتزوج الثانية " آنا " التي كانت تعمل عنده ككاتبة اختزال ، حيث يملي عليها رواياته وتكتب ، وهذه بقيت حية بعد وفاته ..
دوستويفسكي عاش مراحل طفولته ومراهقته في بيئة قاسية خشنة ، وهبته هذه البيئة النضوج الفكري المبكر ، والإرادة القوية ، والاعتماد على النفس في مواجهة الصعاب ..
كتب أولى رواياته وهي " الفقراء " في مراحله الأولى من عمره حيث كان يبلغ من العمر حينها 24 أو 25 عاما .. وقد لاقت استحسانا وإعجابا كبيرا من قبل النقاد أمثال بيلنسكي ..
عندما بلغ من العمر تقريبا 29 عاما أعتقل بتهمة انتمائه لجماعة كانت تتداول وتقرأ وتناقش فيما بينها الكتب الممنوعة والتي فيها معارضة للحكم الإمبراطوري الروسي .. والحكم الذي صدر بحقه هو الإعدام ، الذي خفف في الدقائق الأخيرة إلى السجن في سيبيريا تحت الأعمال الشاقة ، وبعد السجن الخدمة الإلزامية في المنفى ..
موقف الإعدام هذا وظفه دوستويفسكي في بعض رواياته أمثال الأبله والجريمة والعقاب والأخوة كارامازوف .. وشرحه شرحا وافيا كأن القارئ له يشاهده مشاهدة ويستشعره إستشعارا ، فهو مؤثر جدا ..
رواياته وقصصه القصيرة مجموعة في 18 مجلدا ، وأضيف لها مجلدين تضم رسائله بعنوان " الرسائل " ..
أهم رواياته : الأخوة كارامازوف والجريمة والعقاب والشياطين ويمكن اعتبار الأبله معها ..
النوع الأدبي للرواية التي اختص فيها دوستويفسكي هو الواقعي ، أو الرواية الواقعية ..
فهو غاص في الحياة الروسية " الروحية والسياسية والاجتماعية" ، حتى وصل أعماقها ، ثم تناول الانسان ككائن بشري عام وأنفذ أدواته وقدراته فيه حتى فكك عقله وفتح قلبه ، ودخل خبايا الروح ، حتى وصل لمشاعره وأحاسيسه ، ولم يقف بل واصل بلا كلل ولا ملل مشواره الصعب هذا حتى وصل للضمير وفسره وآمن به حتى جعله هو الحاكم بعد أن رأى أن العقل الجامد في زمن المادة العمياء يجعل صاحبه مادي خشبي كأنه آلة لا يشعر .. وشاهد أن القلب لوحده يجعل حكم الانسان خاطئ وقدراته ناقصة ونظرته للأمور ضيقة ، مشاعره وإنفعالاته تكون في هذا النوع لها السيطرة على قراره .. فاختار الضمير باعتباره يصوب الانسان فيما لو أراد الخطأ ، ويؤنبه ويحاسبه فيما لو أخطأ .. فشدد عليه في رواياته خصوصا الشياطين والجريمة والعقاب والأخوة كارامازوف .. وراسكالنيكوف بطل الجريمة والعقاب خير مثال على موضوع الضمير هذا ..
كان فقيرا وظل طول حياته على فقره هذا ، فهو يعمل بالأجرة ، وكثيرا ما كان يرهن قطع من ملابسه أو ملابس زوجته أو يبيعها لأجل أن يرسل في نقودها رسالة كرد مهم على أحدهم أو لمراسلة دار النشر .. وكان يتمنى لو ملك المال مثل تولستوي وغيره ليكتب براحة واطمئنان ، بلا استعجال ولا عوز ولا فاقة ، حتى يخرج كل ما بداخله ، لأنه بعد مشواره الطويل هذا ورواياته التي اشتهرت كل هذه الشهرة كان يردد في كثير من الأحيان أنه لم يخرج بعد كل ما بداخله ، ولم يقل كلمته الأخيرة في الأدب بعد والتي تعبر عنه وعن رؤيته وأفكاره ومشاعره .. وعندما أراد أن يقول هذه الكلمة ولم يستطع خرج جزء من هذه الكلمة وأبدع روايته الخالدة " الأخوة كارامازوف " ..
دوستويفسكي كان يحمل هم الانسان ككائن يعيش على هذه الأرض ومعاناته وآلامه .. فواسى هذا الهم نفسه كانسان ، فنسي به همومه واستصغرها ..
قال في رسائله المبكرة التي أرسلها لأخيه عندما كان شابا أنه يريد أن يبحث في الإنسان ويختاره لمشواره الأدبي لأجل أن يغدو هو إنسانا ..
وكان نعم الإنسان ..
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع