٣٨❖ذات مرة زار عبدُ الملك بن
مروان البصرة قبل أنْ يَليَ الخلافة،
فرأى إياسا وكان يومئذٍ فتًى يافعا،
لم ينبت شاربُه بعد،ورأى خلفه
أربعةً من القراء من ذوي اللحى
بطيالستهم الخضر،وهو يتقدَّمهم،
٣٩❖فقال عبد الملك:(أُفٍّ لأصحاب
هذه اللحى،أمَا فيهم شيخٌ يتقدَّمه،
فقدَّموا هذا الغلام، ثم التفت إلى
إياس، وقال: يا غلام كم سنُّك؟
-أي ازدراءً له-
٤٠❖فقال:أيها الأمير, سني أطال
بقاءَ الأمير كسنِّ أسامة بن زيد
حين ولاَّه رسولُ الله جيشا فيهم
أبو بكر وعمر، فقال له عبد الملك:
تقدَّم يا فتى تقدَّم,بارك الله فيك)
📌4》- موقفه مع الصحابي
الجليل أنس بن مالك الأنصاري :
٤١❖وذات سنة أيضًا خرج الناسُ
يلتمسون هلالَ رمضان، وعلى
رأسهم الصحابيُّ الجليل أنسُ بن
مالك الأنصاري،وكان يومئذٍ شيخا
كبيرا،قد قارب المائة،فنظر الناسُ
في السماء، فلم يروا شيئا،
٤٢❖لكن أنسَ بن مالك جعل
يحدِّق في السماء، و يقول:(لقد
رأيتُ الهلالَ،ها هو ذاك، وجعل
يشير إليه بيده، فلم يرَه أحدٌ،
٤٣❖عند ذلك نظر إياسٌ إلى أنس
رضي الله عنه، فإذا شعرةٌ طويلة
في حاجبه قد انثنت حتى غدتْ
قُبالة عينه، وكأنها الهلال،
٤٤❖فاستأذنه في أدب، ومدَّ يده
إلى الشعرة فمسحها وسوَّاها، ثم
قال له: أترى الهلال الآن يا صاحب
رسول الله؟فجعل أنسُ ينظر,
ويقول: كلا ما أراه، أين ذهب؟) .
٤٥❖هذا الصحابيّ متقدِّم في
السن، وإياس كان فطِنًا وأديبًا
مؤَدَّبًا، سحب هذه الشعرة فغاب
الهلال
٤٦❖وشاعت أخبارُ ذكاء إياس،
وذاعت وصار الناسُ يأتونه من كل
حدب وصوب، ويلقون بين يديه
ما يعترضهم من مشكلات في العلم
والدين .
📚سيرة التابعين للشيخ النابلسي
🍃🌸ـــــــஜ
11:07
🌷∫∫التابعي إياس بن معاوية المزني∫∫
《 الــحــلقــــ٣ـــة 》
💎-تتمة المواقف التي سجلها
التاريخ لإياس وشهد له بذكائه:
📌5》- موقفه مع هذا الدهقان :
٤٧❖ رُوِي أن دهقانا أتى مجلسه,
فقال: (يا أبا وائلة، ما تقول في
المسكِر؟ قال: حرام، قال: ما وجهُ
حرمته؟ أقنعني، وهو لا يزيد عن
كونه ثمرا وماءً, غُلِيا على النار
فصار خمرًا،وكل ذلك مباح لا شيءَ
فيه، فلماذا هو حرام؟
٤٨❖فقال إياسُ:أفرغتَ من قولك
يا دهقانُ،أم بقيَ لديك ما تقوله؟
قال:بل فرغتُ، قال:لو أخذتُ كفًّا
من ماء وضربتُك به,أكان يوجعك؟
قال:لا،قال:لو أخذتُ كفًّا من تراب
وضربتُك به,أكان يوجعك؟قال:لا،
قال:لو أخذتُ كفًّا من تِبنْ فضربتك
به, أكان يوجعك؟ قال: لا،
٤٩❖قال: لو أخذت الترابَ، ثم
طرحتُ عليه تبنا،وصببتُ فوقه
الماءَ،ثم مزجتهما مزجا،ثم جعلتُ
الكتلة في الشمس حتى يبست،ثم
ضربتك به،أكان يوجعك؟ قال:وقد
تقتلني به،
٥٠❖قال: هكذا شأنُ الخمر، فهو
حينما جُمِعَت أجزاؤه خُمِّر فأصبح
حراما،كما أن الماء و التراب والتبن
لوضربتك به لا تُؤذى،أما إذا جمعتُ
هذه العناصر الثلاثة، ويبَّستها في
الشمس, فأصبحت كتلةً قاسية،
ورميتُك به, قال: قد تقتلني، قال:
هكذا الخمر) .
٥١❖والحقيقة كان هذا القاضي
على جانب عالٍ جدا من الذكاء،
وظهرت له مواقفُ تدلُّ على فرط
ذكائه،
📌6》-مواقفه في القضاء:
٥٢❖لما ولِيَ القضاءَ,جاءه رجلان
يتقاضيان عنده،فادَّعى أحدُهما أنه
أودع عند صاحبه مالا، فلما طلبه
منه جحده،
٥٣❖فسأل إياسُ الرجلَ المدَّعَى
عليه عن أمر الوديعة فأنكرها،
وقال: (إن كانت لصاحبي بيِّنة
فليأتِ بها،وإلا فليس له عليَّ إلا
اليمين،
٥٤❖فلما خاف إياسٌ أن يأكل
الرجلُ المالَ بيمينه التفت إلى
المودِع، وقال له: في أيِّ مكان
أودعته المالَ؟ أي أعطيته،قال:
في مكان كذا، قال: وماذا يوجد
في ذلك المكان؟قال:شجرة كبيرة
جلسنا تحتها،وتناولنا الطعام معًا
في ظلِّها،ولما هممنا بالانصراف
دفعتُ إليه المالَ،
٥٥❖فقال له إياسٌ: انطلِق إلى
المكان الذي فيه الشجرة, فلعلَّك
إذا أتيتها,ذكَّرتك أين وضعت مالك،
ونبَّهتْك إلى ما فعلته به؟
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع