١٩❖فإن كنتُ كاذبا في قسمي,فما

يحلُّ لك أن تولِّيني القضاءَ، وأنا

أقترف الكذبَ، وإن كنتُ صادقا

في قسمي,فلا يجوز لك أن تعدل

عن الفاضل إلى المفضول-هذا كلام

ليس له جواب-

٢٠❖فالتفت إياسٌ إلى الأمير،

وقال:أيها الأمير, إنك جئتَ برجل,

ودعوتَه إلى القضاء,فأوقفتَه على

شفير جهنم,فنجَّا نفسه منها بيمين

كاذبة, لا يلبث أن يستغفر اللهَ منها،

وينجو بنفسه مما يخاف،

٢١❖فقال له عديُّ: إنما يفهم مثلَ

فهمك هذا لجديرٌ بالقضاء، حريٌّ به،

ثم ولاَّه قضاءَ البصرة) انظُروا إلى

هذا التعفُّف عن ذاك المنصب .

٢٢❖وهذا الذي اختاره الخليفةُ

الزاهد عمر بن عبد العزيز قاضيًا

للبصرة,هذا الإنسانُ ضُرِب لذكائه

المثل، فكان ذكيًا فطِنا, ذا بديهة

حاضرة .

٢٣❖-ولقد صحَّ عَنْ بُرَيْدَةَ أَنَّ

النَّبِيَّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ, قَالَ:

(الْقُضَاةُ ثَلَاثَةٌ قَاضِيَانِ فِي النَّارِ,

وَقَاضٍ فِي الْجَنَّةِ, رَجُلٌ قَضَى بِغَيْرِ

الْحَقِّ فَعَلِمَ ذَاكَ فَذَاكَ فِي النَّارِ

وَقَاضٍ لَا يَعْلَمُ فَأَهْلَكَ حُقُوقَ النَّاسِ

فَهُوَ فِي النَّارِ, وَقَاضٍ قَضَى بِالْحَقِّ

فَذَلِكَ فِي الْجَنَّةِ)[أخرجه الترمذي

في سننه]

📚سيرة التابعين للشيخ النابلسي

🍃🌸ـــــــஜ

11:07

 🌷∫∫‏التابعي إياس بن معاوية المزني∫∫‏

《 الــحــلقــــ٢ـــة 》

💎- من المواقف التي سجلها

التاريخ لإياس وشهد له بذكائه

ونفاذ بصيرته :

📌1》- موقفه مع هذا الذمي:

٢٤❖ظهرت على هذا الغلام علائمُ

النجابة وأمارات الذكاء منذ نعومة

أظفاره،وجعل الناسُ يتناقلون

أخبارَه ونوادرَه،وهو ما زال صبيًّا

صغيرا،

٢٥❖رُوِي عنه أنه كان يتعلَّم

الحساب في كتَّاب لرجل من أهل

الذِّمة،فاجتمع عند المعلِّم أصحابٌ

له،وجعلوا يتكلَّمون في أمور الدين،

وهو ينصت إليهم من حيث لا يدرون

 

٢٦❖فقال المعلِّم لأصحابـه:

ألا تعجبون للمسلمين فهم

يزعمون أنهم يأكلون في الجنة

ولا يتغوَّطون!

٢٧❖فالتفت إياسٌ إليه، وقال:

أتأذن لي يا معلِّم بالكلام فيما

تخوضون فيه؟ قال: نعم تكلَّم،

٢٨❖قال الفتى: أكلُّ ما يُؤكل في

الدنيا يخرج غائطا؟ فقال المعلِّم:

لا، قال: فأين يذهب الذي لا يخرج؟

قال المعلِّم:يذهب في غذاء الجسم,

٢٩❖قال الفتى:فما وجهُ الاستنكار

منكم,إذا كان يذهب بعضُ ما نأكله

في الدنيا غذاءً, أن يذهب كلُّه في

الجنة في الغذاء؟

٣٠❖طبعا قسمٌ من الغذاء يسهم

في بناء الخلايا ، وقسم يخرج،

وقسم يبقى،

----

📌2》_موقفه مع قاضي دمشق:

٣١❖تقدَّم الغلامُ سنةً بعد سنة،

وتقدَّمت مع هذه السنين أخبارُ

ذكائه أينما حلَّ،فدخل دمشق وهو

لا يزال غلاما، فاختلف مع شيخ

من أهل الشام في حقٍّ من الحقوق،

ولما يئس من إقناعه بالحجَّة،دعاه

إلى القضاء،

٣٢❖فلما صار بين يدي القاضي

احتدَّ إياسٌ، ورفع صوته على

خصمه،

٣٣❖فقال له القاضي: (اخفِض

صوتك يا غلام، فإن خصمك

شيخ كبير السن والقدر،

٣٤❖فقال إياس:ولكن الحقَّ أكبر

منه،فغضب القاضي،وقال:اسكُت،

فقال الفتى:ومَن ينطق بحجتي

إذا سكتُّ ، فازداد القاضي غضبا،

وقال: ما أراك تقول منذ دخلت

مجلس القضاء إلا باطلا،

٣٥❖فقال إياس :لا إله إلا الله

وحده لا شريك له، قال له:أحقٌّ

هذا أم باطل؟ فهدأ القاضي,

وقال: حقٌّ و ربِّ الكعبة)

٣٦❖أحيانا الإنسان على صغر

سنه, يُؤتى الحجة البالغة في

وقتها، ولا تُقدَّر بثمن .

📌3》موقفه مع عبد الملك

بن مروان :

 ٣٧❖أكبَّ هذا الفتى على العلم،

ونهل منه ما شاء اللهُ أن ينهل،

حتى بلغ منه مبلغا جعل الشيوخَ

يخضعون له،ويأتمُّون به،

ويتتلمذون على يديه على الرغم

من صغر سنه، والعالم شيخ ولو

كان حدَثًا، والجاهل حدثٌ ولو

كان شيخا .