١٣●الآن:سنلاحظ ماذا فعلت هذه
العمةُ الجليلة, السيدة عائشة؟-
قال:فحملتنا من منزل عمنا إلى
بيتها،وربَّتنا في حجرها،فما رأيتُ
والدةً قط،ولا والدا أكثر منها برًّا،
ولا أوفر منها شفقة،
١٤●كانت تطعمني بيديها،ولا تأكل
معنا،فإذا بقي من طعامنا شيءٌ
أكلته،وكانت تحنو علينا حنوَّ
المرضعات على الفطيم، تغسل
أجسادنا،وتمشِّط شعورنا،وتلبسنا
الأبيضَ الناصعَ من الثياب،
١٥●وكانت لا تفتأ تحضُّنا على
الخير،وتمرّسنا بفعله،وتنهانا عن
الشرِّ،وتحملنا على تركه،وقد دأبت
على تلقيننا ما نطيقه من كتاب الله
تعالى،
١٦●وتروي لنا ما نعقله من حديث
رسول الله ﷺ وكانت تزيدنا برًّا
وإتحافا في العيدين،فإذا كانت
عشيِّةُ عرفة,حلقت لي شعري،
وغسلتني أنا وأختي،
١٧●فإذا أصبحنا ألبستنا الجديدَ،
و بعثت بنا إلى المسجد النبوي,
لنؤدِّي صلاة العيد،فإذا عُدنا منه,
جمعتني أنا وأختي, وضحَّت بين
أيدينا، -هذه السيدة عائشة .
١٨●وفي ذات يوم: ألبستنا ثيابا
بيضًا، ثم أجلستني على إحدى
ركبتيها، وأجلست أختي على
ركبتها الأخرى
١٩●وكانت قد دعت عمِّي عبد
الرحمن، فلما دخل عليها حيَّته،
ثم تكلمت, حمدت اللهَ عز وجل،
وأثنت عليه بما هو أهلُه،
٢٠●فما رأيتُ متكلِّما قطُّ من رجل
أو امرأة قبلها ولا بعدها, أفصحَ
منها لسانا، ولا أعذبَ منها بيانا،
٢١●ثم قالت:أي أخي, إني لم أزل
أراك معرضا عني منذ أخذتُ هذين
الصبيين منك،وضممتُهما إليَّ،وواللهِ
ما فعلتُ ذلك تطاولا عليك،ولاسوء
ظنّ بك، واتِّهاما لك بالتقصير في
حقِّهما،
٢٢●ولكنك رجل ذو نساء، عندك
عدة زوجات،وهما صبيان صغيران
لا يقومان بأمر نفسيهما،
٢٣●فخشيتُ أن يرى نساؤُك منهما
ما يستقذرنه، فلا يطبن بهما نفسا،
ووجدتُ أني أحقُّ منهن بالقيام
على أمرهما في هذه الحال،
٢٤●وها هما الآن قد شبَّا،وأصبحا
قادرين على القيام بأمر نفسيهما،
فخذهما وضمَّهما إليك،
٢٥●فأخذنا عمي عبدُ الرحمن،
وضمَّنا إلى بيته،
٢٦●بيد أن الغلام البكري ظلَّ معلَّق
القلب ببيت عمَّته أمِّ المؤمنين
رضوان الله عليها) .
📚سيرة التابعين للشيخ النابلسي
🍃🌸ـــــــஜ
11:07
🌷∫∫ التابعي القاسم بن محمد
بن أبي بكر الصديق ∫∫🌷
《 الــحــلقـــ٢ــة 》
💎عائشة تصغي إلى نداء ابن
أخيها :
٢٧●أيها الأخوة,يقول هذا التابعيُّ
الجليل:قلتُ ذات يوم لعمتي عائشة
رضي الله عنها:(يا عمَّتي,اكشِفي
لي عن قبر النبي صلى الله عليه
وسلم وقبر صاحبيه،فإني أريد أن
أراهما،
٢٨● وكانت القبورُ الثلاثة ما زالت
داخل بيتها،وقد غطَّتها بما يسترها
عن العين،
٢٩●فكشفت لي عن ثلاثة قبور،
لا مشرفة ولا واطئة، قد مهِّدت
بصغار الحصى الحمر،مما كان في
باحة المسجد ،
٣٠●فقلتُ:أين قبرُ رسول الله صلى
الله عليه وسلم؟ فأشارت بيدها،
وقالت:هذا،ثم تحدَّرت على خدَّيها
دمعتان كبيرتان،فبادرتْ فمسحتْهما
حتى لا أراهما،
٣١●وكان قبرُ النبي صلى الله عليه
وسلم مقدَّما على قبر صاحبيه،
فقلت:وأين قبر جدي أبي بكر؟
قالت: هو ذا، وكان مدفونا عند
رأس النبي صلى الله عليه وسلم،
٣٢●فقلتُ:وهذا قبرُ عمر؟ قالت:
نعم، وكان رأسُ عمر رضوان الله
عليه عند خصر جدي قريبا من
رجل النبي عليه الصلاة و السلام)
💎منزلته العلمية :
٣٣●ولما شبَّ الفتى البكري, كان
قد حفظ كتاب الله تعالى، وأخذ
عن عمته عائشة من حديث رسول
الله صلى الله عليه وسلم,ما شاء
له أن يأخذ،
٣٤●ثم أقبل على الحرم النبوي
الشريف،وانقطع إلى حلقات العلم
التي كانت تنتشر في كل ركن من
أركانه،
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع