٨٠●عند ذلك تحدَّرت من عين
فروخ دمعتان كبيرتان ،لم يعرف
لهما سبباً،ومضى يحثُّ الخطا نحو
بيته،
٨١●فلمّا رأته أم ربيعة، والدموع
تملأُ عينيه،قالت:ما بك يا أبا ربيعة؟
قال:ما بي إلا الخير،لقد رأيت ولدنا
ربيعة في مقام من العلم والشرف
والمجد،ما رأيته لأحد من قبل
٨٢● فاغتنمت أم ربيعة الفرصة،
وقالت:أيهما أحبُّ إليك ثلاثون ألف
دينار، أم هذا الذي بلغك عن ولدك
من العلم والشرف؟فقال: بلى والله،
هذا أحبُّ إليَّ, وآثرُ عندي من مال
الدنيا كله،
٨٣●فقالت:لقد أنفقت كل ما تركته
لي على ولدك، حتى صار عالماً،فهل
طابت نفسُك بما فعلت؟ قال: نعم،
وجُزِيتِ عني خيراً وعن المسلمين
---------
٨٤●أخواننا الكرام,هذه قصة
ملخصة بآخرها،إذا استطعتَ أنْ
تجعل ابنك إنسانًا عظيمًا,فأنت
أسعدُ إنسان في العالم،
٨٥● إذا استطعتَ أنْ تربي ابنك
تربية إسلامية صحيحة، فيطلب
العلم ، ويصير معلم الناس, فأنت
أسعد إنسان بالعالم،
٨٦●ولو أنفقت عليه ألوف مئات
الألوف، فأنت الرابح، فلو أنفقت
عليه كل شيء، وصار ابنك في
هذا المستوى, فأنت الرابح،
٨٧●ما أردت من هذه القصة إلا
أن أحثَّكُم على تربية أولادكم،
أيها الأخوة، أملُنا في الصغار،
والمعَوَّل عليه هم الصغار، كل واحد
له ابن يحتاج من وقتك الشيء
الكثير، ومن مالك الشيء الكثير،
وقدِّم له كل ما تملك، ليكون كما
يريد الله عز وجل،فهذا زادُك عند
الله،
٨٨●والذي عنده ابن صالح,فليسمعْ
هذا الكلام مرة ثانية، والذي عنده
ابن صالح,مقبل على الدين،مستقيم
على أمر الله، يحب الله ورسوله،
يجب أن يضع شفته على الأرض،
ويشكر الله عز وجل على هذه
النعمة،
٨٩●لأنه ما مِن نعمة على الإطلاق
تفوق هذه النعمة، فهذا مجاهد،
وابنه عالم، فنال المجد من طرفيه،
وقد فتح هو البلاد،وابنه فتح القلوب
والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين
📚سيرة التابعين للشيخ النابلسي
🍃🌸ـــــــஜ
11:07
🌷∫∫ التابعي سعيد بن جبير ∫∫
《 الــحــلقــــ١ـــة 》
💎من هو سعيد بن جبير وما
وصفه الجسدي,وما هو الطريق
الذي شقه في حياته ؟
١❐أيها الأخوة الكرام،مع الدرس
الخامس عشر من دروس سير
التابعين رضوان الله عليهم
أجمعين،والتابعي اليوم هو سعيد
بن جبير،
٢❐قال عنه الإمامُ أحمد بن حنبل:
(لقد قتل سعيد بن جبير, وما على
الأرض أحد,إلا ومحتاج إلى علمه)
٣❐ قصة هذا التابعي تثير
تساؤلات كثيرة،لكن أنا أضع بين
أيديكم دقائقها وتفاصيلها،
وبإمكانكم أن تستنبطوا أشياء
كثيرة،أحد أكبر الأشياء التي ينبغي
أن تستنبط من هذه القصة، أن
هذه الدنيا دار التواء لا دار استواء،
٤❐كان هذا التابعي فتًى وفيق
الجسم،مكتمل الخلق، متدفقاً
حيوية ونشاطاًوكان ذكي الفؤاد،
حاد الفطنة،نزّاعاً إلى المكارم،
متأثماً من المحارم،شديد الخوف
أن يقع في الإثم،
٥❐وكان سعيد بن جبير حديث
السن،حبشي الأصل،عربي الولاء،
وكان أسود اللون
٦❐قالوا:(تعلموا العلم، فإن كنتم
سادةً فُقْتُمْ،وإن كنتم وسطاً سُدْتُم،
وإن كنْتُم سوقةً عِشْتُم) .
٧❐أدرك هذا الفتى أن العلم هو
الطريق الوحيد إلى الرفعة،وأن
التقى هي الطريق الوحيدة إلى
الجنة،فجعل التقى عن يمينه
والعلم عن شماله، وشدّ عليهما
بكلتا يديه،وانطلق يقطع بهما
رحلة الحياة،غير وَانٍ ولامتمهل .
٨❐فمنذ نعومة أظفاره كان الناس
يرونه إمَّا عاكفاً على كتاب يتعلم،
أو صافًّا في محراب يتعبد، فهو
بين طلب العلم والعبادة، إما في
حالة تعلم، أو في حالة تعبد،
💎عمن أخذ العلم,وما هي العلوم
التي درسها,وما هو موطنه, ؟:
٩❐أخذ هذا الفتى العلم عن طائفة
مِن جلّة الصحابة،مِن أمثال أبي
سعيد الخدري،وعدي بن حاتم
الطائي،وأبي موسى الأشعري،وأبي
هريرة الدوسي،وعبد الله بن عمر،
وعائشة أم المؤمنين،رَضِي اللَّه
تعالى عَنْهم أجمعين،
١٠❐لكن أستاذه الأكبر،ومعلمه
الأعظم كان عبد الله بن عباس،
حبر الأمة،وبَحر علمها الزاخر .
١١❐لزِم سعيدُ بن جبير عبدَ الله
بن عباس لزومَ الظلِّ لصاحبه،فأخذ
عنه القرآن وتفسيره ،والحديث
وتفقّه على يديه في الدين،وتعلّم
منه التأويل,ودرس عليه اللغة،
فتمّكن منها أعظم تمكين،حتى
غدا,وما على ظهر الأرض أحد من
أهل زمانه,إلا وهو محتاج إلى
علمه، لقد بلغ القمة،
١٢❐ثم طاف في ديار المسلمين
بحثاً عن المعرفة ما شاء الله أن
يطوف،فلما اكتمل له ما أراد من
العلم,اتخذ الكوفة له داراً ومقاماً،
وغدا إلى أهلها معلماً وإماما،
١٣❐وكان يؤم الناس في رمضان،
فيقرأ ليلة بقراءة عبد الله بن
مسعود وكان جامعًا للقراءات،
وأخرى بقراءة زيد بن ثابت،وثالثة
بقراءة غيرهما،وهكذا،وكان إذا
صلى منفرداً ربما قرأ السورة
الطويلة من القرآن،
١٤❐وكان إذا مرّ بقول الله عز
وجل:﴿فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ*إِذِ الْأَغْلَالُ
فِي أَعْنَاقِهِمْ وَالسَّلَاسِلُ يُسْحَبُونَ*
فِي الْحَمِيمِ ثُمَّ فِي النَّارِيُسْجَرُونَ﴾
[سورة غافر الآية: 70 ـ 72]
١٥❐أو مرَّ بنحوها من آيات الوعد
والوعيد اقشعر جلده،وتصدع
فؤاده وهملتْ عيناه،ثم لا يزال
يبدأ فيها ويعيد حتى يوشك أن
يقضي نحبه،فصلاة الليل أحد أكبر
مصارد سعادته .
١٦❐وقد دأَب على شدِّ رحاله إلى
بيت الله الحرام كل عام مرتين،
مرةً في رجب محرِماً بعمره،وأخرى
في ذي القعدة محرِماً بحج،
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع