٢٦✾ فصدع الوالي بأمر أمير
المؤمنين،وأقام الفنادق التي أمره
بإعدادها،
٢٧✾فَسَرَتْ أخبارُها في كل مكان،
وطفِق الناسُ في مشارق البلاد
الإسلامية ومغاربها يتحدثون عنها،
ويشيدون بعدل الخليفة وتقواه .
٢٨✾فماكان من وجوه أهل سمرقند
إلا أن وفدوا على واليها سليمان بن
أبي السري،وقالوا:إن سلفك قتيبة
بن مسلم الباهلي قد دهم بلادنا،
من غير إنذار، ولم يسلك في حربنا
ما تسلكونه معشر المسلمين،
٢٩✾فقدعرفناأنكم تدعون أعداءكم
إلى الدخول في الإسلام، فإن أبوا
دعوتموهم إلى دفع الجزية، فإن
أبوا أعلنتم عليهم القتال،
٣٠✾هؤلاء أهل سمرقند بَلَغهم أن
هذه هي الطريقة الشرعية لفتح
البلاد، أمّا هم فلم يُعرَض عليهم
الإسلام،ولم يُدعَ إلى دفع الجزية،
بل حوربوا مباشرة،
٣١✾فاشتكوا إلى الوالي الذي كان
عليهم، اشتكوا سلفه الذي داهم
بلادهم،وهو قتيبة بن مسلم الباهلي
٣٢✾ يقولون: وإنا قد رأينا من
عدل خليفتكم وتقواه, ما أغرانا
بشكوى جيشكم إليه، فقدَّم أهل
سمرقند شكوى، والاستنصار بكم
على ما أنزله بنا قائد من قوادكم،
٣٣✾فأْذَنْ أيها الأمير لوفد منا بأن
يَفِد على خليفتكم، وأن يرفع
ظلامتنا إليه، اسمح لنا أن نرسل
وفدًا إلى دمشق نرفع ظلامتنا على
قتيبة بن مسلم الباهلي الذي داهمنا
ولم يسلك الطريقة التي شرعها
نبيُّكم،
٣٤✾فإذا كان لنا حق أعطيناه،وإن
لم يكن لنا حق عدنا من حيث ذهبنا
٣٥✾فأذن سليمان لوفد منهم
بالقدوم على الخليفة في دمشق،
فلما صاروا في دار الخلافة، رفعوا
أمرهم إلى خليفة المسلمين عمر
بن عبد العزيز،
٣٦✾فكتب الخليفةُ كتاباً إلى واليه
سليمان بن أبي السري،يقول فيه:
أما بعد؛فإذا جاءك كتابي هذا,
فاجلِسْ إلى أهل سمرقند قاضياً,
ينظر في شكواهم،فإن قضى لهم،
فأمر جيش المسلمين بأنْ يغادر
مدينتهم،وادعُ المسلمين المقيمين
بينهم إلى النزوح عنهم،وعودوا
كما كنتم، ويعودون كانوا قبل أن
يدخل ديارهم قتيبةُ بن مسلم
الباهلي .
٣٧✾فلما قدم الوُفد على سليمان
بن أبي السري، ودفع إليه كتاب
أمير المؤمنين، أَجْلَسَ إليهم قاضي
القضاة، فنظر في شكواهم،
واستقصى أخبارهم، واستمع إلى
شهادة طائفة من جند المسلمين
وقادتهم،
٣٨✾فاستبان له صحة دعواهم،
وقضى لهم عند ذلك، الآن صدر
قرار مِن قاضٍ مسلم يحكم على
جيش إسلامي بالخروج من
سمرقند،لأن فتحها لم يكن شرعياً،
٣٩✾عند ذلك أمر الوالي جندَ
المسلمين أن يُخلُوا لهم ديارهم،
وأن يعودوا إلى معسكراتهم، وأن
ينابذوهم كرّة أخرى،
٤٠✾فإما أن يدخلوا بلادهم صلحاً
بالجزية، وإما أن يظفروا بها حرباً،
وإما ألاّ يكتب لهم الفتح لو انهزموا،
٤١✾لم يصدَّقْ أهل سمرقند لما
جرى، فما سمع وجوه القوم حكمَ
قاضي القضاة لهم،حتى قال بعضهم
لبعض: وَيْحَكُم، لقد خالطتُم هؤلاء
القوم،وأقمتم معهم، ورأيتموهم من
سيرتهم،وعدلهم،وصدقهم ما رأيتم,
فاسْتَبْقوهم عندكم ،وطِيبُوا
بمعاشرتهم نفساً،وقرُّوا بصحبتهم
عيناً) .
📚سيرة التابعين للشيخ النابلسي
🍃🌸ـــــــஜ
11:07
🌷∫∫التابعي عمر بن عبد العزيز ∫∫
《 الــحـلقـ٣ــة و #الأخيرة 》
📌3)- ما رواه ابن عبد الحكم في
كتابه :
٤٢✾الصورة الثالثة من صورة حياة
هذا الخليفة العظيم:يرويها لنا ابن
عبد الحكم، في كتابه النفيس
المسمى(سيرة عمر بن عبد العزيز)
٤٣✾فيقول:(لما حضرت عمرَ الوفاةُ
دخل عليه مسلمة بن عبد الملك،
وقال:إنك يا أمير المؤمنين,قد
فطمت أفواه أولادك عن هذا المال،
فحبذا لو أوصيت بهم إليك، أو إلى
من تفضله من أهل بيتك،فلما انتهى
من كلامه,
٤٤✾قال عمر :أجلسوني، فأجلسوه،
فقال: قد سمعتُ مقالتك يا مسلمة،
أمَاإنّ قولك:قد فطمت أفواه أولادي
عن هذا المال،فإني واللهِ ما منعتهم
حقاً هو لهم،ولم أكن لأعطيهم شيئاً
ليس لهم،
٤٥✾أما قولك: لو أوصيت بهم إلي،
أو إلى من تفضله من أهل بيتك،
فإنما وصيي وولي فيهم الله الذي
نزل الكتاب بالحق، وهو يتولى
الصالحين،
٤٦✾واعلمْ يا مسلمة أن أبنائي أحدُ
رجلين؛إما رجل صالح متقن
فسيغنيه الله من فضله,ويجعل له
من أمره مخرجا، وإما رجل طالح
مكبٌّ على المعاصي,فلن أكون أول
من يعينه بالمال على معصية الله
تعالى،
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع