٤٤❐ثم بدأت كفةُ الحجاج ترجح
شيئاً فشيئاً،حتى هزم ابن الأشعث
هزيمة منكرة، وفَرَّ ناجياً بنفسه،
واستسلم جيشه للحجاج وجنوده.
📚سيرة التابعين للشيخ النابلسي
🍃🌸ـــــــஜ
11:07
🌷∫∫ التابعي سعيد بن جبير ∫∫
《 الــحــلقــــ٣ـــة 》
💎إليكم هذا المشهد ممن بايع
الحجاج,وممن رفض مبايعته :
٤٥❐أمر الحجَّاجُ مناديَه أن ينادي
في المقاتلين المهزومين،وأن
يدعوهم لتجديد بيعته،فاستجاب
أكثرهم له،وتوارى بعضهم عنه،
٤٦❐وكان بين المتوارين سعيد بن
جبير رَضِي اللَّه عَنْه وأرضاه،فلما
أخذ المسلمون يتقدمون تباعاً
لبيعته فوجئوا بما لم يكن في
حسبانهم،
٤٧❐فلقد جعل يقول للواحد منهم:
(أتشهد على نفسك بأنك قد كفرت
بنقض بيعتك لوالي أمير المؤمنين,
فيجب أن يشهد على نفسه بالكفر،
فإن قال:نعم،قَبِلَ منه تجديد بيعته،
وأطلق سراحه،وإن قال: لا، قَتَلَه،
٤٨❐فكان بعضهم يخضع له،ويقرُّ
على نفسه بالكفر،لينقذ نفسه مِن
القتل،وكان بعضهم الآخر,يستكبر
ذلك ويستنكره،فيدفع رقبته ثمناً
لإبائه واستنكاره .
٤٩❐ولقد ذاعت أخبار تلك الحادثة
التي قتل فيها أشخاص كثيرون،
ونجا منها أشخاص بعد أن دمغوا
أنفسهم بالكفر،
٥٠❐مِن ذلك أن شيخاً معمَّراً من
قبيلة خثعم، كان معتزلاً للفريقين،
مقيماًوراء الفرات،سِيق إلى الحجاج
مع مَن سيقوا إليه،
٥١❐فلما ادخل عليه سأله عن حاله،
فقال:مازلت منذ شبَت هذه النار
معتزلاً وراء هذا النهر،منتظراً ما
يسفرُ عنه القتال، فلما ظهرتَ
وظفرتَ أتيتك مبايعاً،
٥٢❐فقال:تباً لك،أتقعد متربصاً،
ولاتقاتل مع أميرك،ثم زجره قائلاً:
أتشهد على نفسك بأنك كافر؟قال:
بئس الرجل أنا,إنْ كنتُ عبدت الله
ثمانين عاماً،ثم أشهد بعد ذلك على
نفسي بالكفر،
٥٣❐فقال له:إذاً أقتلك، قال: وإنْ
قتلتني،فو الله ما بقي من عمري
إلا ظمأ حمار،يعني ساعات قليلة،
فإنه يشرب غدوة،ويموت عشية،
وإني لأنتظر الموت صباحاً ومساء،
فافعل ما بدا لك،
٥٤❐فقال الحجاج لجلاده:اضرب
عنقه،فضرب الجلاد عنقه
٥٥❐دعا كميل بن زياد النخعي،
وقال له:أتشهد على نفسك بالكفر؟
فقال:والله لا أشهد،قال:إذاً أقتلك،
قال:فاقضِ ماأنت قاض،وإنَّ الموعد
فيما بيننا عند الله، وبعدَ القتل،
٥٦❐فقال له الحجاج:ستكون
الحُجَّة يومئذٍ عليك لا لك،فقال له:
ذلك إذا كنتَ أنت القاضيَ يومئذٍ،
فقال الحجاج: اقتلوه،فَقَدِّم وقتل .
٥٧❐قُدِّم إليه رجل آخر كان يكرهه
الحجاج أشدّ الكراهية،ويشتهي أن
يظفر بقتله، لِما كان ينقل له من
سخريته به،
٥٨❐فبادَره قائلاً:إني أرى أمامي
رجلاً ما أظنه يشهد على نفسه
بالكفر، فقال له الرجل: لا تورطني،
وتخدعني عن نفسي،أنا أكفر أهل
الأرض،وأكفر من فرعون ذي الأوتاد
فخلّى سبيله،وهو يتحرق ظمأً لقتله
💎ما هي البلدة التي اتخذها
سعيد بن جبير مخبئاً له من
الحجاج,ومن هو الوالي الذي
كشف مخبئه,وما هو الدعاء الذي
ناجى سعيد به ربه قبل قتله؟
٥٩❐نحن هنا دخلنا في القصة مرة
ثانية،سعيد بن جبير إذا وقع بين
يدي الحجاج فلا بد أن يقتله،فإما
أن تُدَقَّ عنقُه،وإمّا أنْ يُقِرّ على
نفسه بالكفر،وهما أمران أحلاهما
مرٌّ،
٦٠❐فآثر أن يخرج من بلاد العراق،
وأن يتوارى عن الأنظار وظلّ
يضرب في أرض الله الواسعة
مستخفياً عن الحجاج وعيونه،
حتى لجأ إلى قرية صغيرة مِن
أراضي مكة،
٦١❐وبقي على حاله هذه عشر
حججٍ كاملات،عشر سنوات وهو
مختفٍّ،كانت كافيةً أن تطفِئ نيران
الحجاج المتّقدة في قلبه،وأن تزيل
ما في نفسه من ضغنٍ عليه .
٦٢❐ بَيْدَ أنه حدث ما لم يكن
يتوقعه أحد،ذلك أنه قدم على مكة
والٍ جديد من ولاة بني أمية، هو
خالد بن عبد الله القسري،فتوجّس
أصحاب سعيد بن جبير خِيفةً منه،
لِمَا كان يعرفون من سوء سيرته،
وتوقعوا الشرَّ على يديه،
٦٣❐فجاء بعضهم إلى سعيد،وقال
له:إنّ هذا الرجل قدِم مكة،وإناواللهِ
لا نأمنه عليك،فاستجبْ لطلبنا،
واخرجْ من هذا البلد،
٦٤❐فقال:واللهِ لقد فررتُ حتى
صرتُ أستحي من الله،ولقد عزمتُ
على أن أبقى في مكاني هذا
وليفعْل اللهُ بي ما يشاء،
٦٥❐لم يكذب خالدًا ظنُّ السوء
الذي ظنه الناس به، فما أنْ علِم
بمكان سعيد بن جبير حتى أرسل
إليه سرية من جنوده، وأمرهم أن
يسوقوه مقيداً إلى الحجاج في
مدينة واسط .
٦٦❐فأطبق الجندُ على بيت الشيخ
وألقوا القيد في يديه على مرأى
من بعض أصحابه، وآذنوه بالرحيل
إلى الحجاج
٦٧❐فتلقاهم هادئ النفس،مطمئن
َالقلب،ثم التفت إلى أصحابه،وقال:
ما أراني إلا مقتولاً على يد هذا
الظالم،
٦٨❐ولقد كنتُ أناوصاحبان لي في
ليلةعبادة،فاستشعرنا حلاوة الدعاء
فدعونا الله بما دعونا،وتضرّعنا إليه
بما شاء مِن تضرع،ثم سألنا الله أن
يكتب لنا الشهادة، وقد رزقها اللهُ
صاحبيَّ كليهما، وبقيتُ أنا أنتظرها،
📚سيرة التابعين للشيخ النابلسي
🍃🌸ـــــــஜ
11:07
🌷∫∫ التابعي سعيد بن جبير ∫∫
《 الـحـلقــ٤ــة و #الأخيرة 》
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع