٦٠●فلما أحسَّ بالأجل التفت إلى
ابنه، وقال:(إذا أنا متُّ, فكفِّني
بثيابي التي كنتُ أصلي بها؛
قميصي،وإزاري،وردائي،فذلك
كان كفنُ جدِّك أبي بكر،
٦١● ثم سوِّ عليَّ لحدي، والحق
بأهلك، وإياكم أن تقفوا على قبري،
وتقولوا:كان وكان، فما كنتُ شيئا).
٦٢●فالتواضعُ يتناسب مع بلوغ
أعلى مراتب العلم والتقوى،ودائما
الشيء الفارغ له صوت كبير
والشيء المليء صوته خفيٌّ،
٦٣●فكان هذا التابعي الجليل من
أورع التابعين، ومن أشدِّهم علما
وقد أمضى حياته بهذه الطريقة .
💎الخاتمة :
٦٤● أرجو الله سبحانه وتعالى أن
تكون هذه السيرُ عن التابعين
الأجلاَّء باعثا لنا على طلب العلم،
وعلى التخلّق بأخلاق النبيِّ عليه
الصلاة السلام،
٦٥●إذا فاتَ الإنسانَ مجدُ المال،
وفاته مجدُ النسب، وفاته مجدُ
الشأن الاجتماعي، فبابُ العلم
مفتوحٌ لكل مَن فاتته هذه الأمجادُ،
وبإمكانه أن يصل إلى أعلى
المراتب عن طريق العلم .
٦٦●أختم كلمتي بهذا القول:
إذا أردتَ الدنيا فعليك بالعلم،
وإذا أردتَ الآخرة فعليك بالعلم،
وإذا أردتهما معًا فعليك بالعلم .
والْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِين
📚سيرة التابعين للشيخ النابلسي
🍃🌸ـــــــஜ
11:07
🌷∫∫التابعي عمر بن عبدالعزيز(٢) ∫∫
《 الــحــلقــــ١ـــة 》
١▣أيها الأخوة المؤمنون،مع
الدرس التاسع عشر من سِيَر
التابعين رِضْوان الله تعالى عليهم
أجمعين،وتابعيّ اليوم هو سيّدنا
عمر بن عبد العزيز،
٢▣ولعلَّه الموضوع الثاني عن
هذا الخليفة،الذي عُدَّ بحَقٍّ خامس
الخلفاء الراشدين،فالحديث عن
هذا التابعيّ الجليل عمر بن عبد
العزيز حديث ذو شُجون،
٣▣فأنت لا تكاد تُلِمّ بِصُورة من
صُوَر حياته الفذَّة,حتى تُسْلمك
إلى أخرى أكثر بهاءً
٤▣كلَّما عظم الإنسان يصبح
الحديث عنه ذا شُجون،يمكن أن
نتحدَّث عن الصحابة الكرام سنوات
وعن التابعين سنوات،
٥▣وتؤلَّف الكتب والمجلَّدات،
وتُحلَّلُ الشَّخصِيات،تُدْرس المواقف
وتوصف الملامح،فالإنسانُ العظيم
هناك مَن يتحدّث عنه إلى أمدٍ طويل
٦▣إليكم هذه الصور الثلاث
الأخرى التي يرويها لنا الرواة عن
الخليفة عمر بن عبد العزيز:
💎1》ما رواه دكين بن سعيد
الدارمي:
٧▣الأولى يَرْويها(دُكَيْن بن سعيد
الدارمي)أحد الشعراء الرجاز البداة
وهذا شاعرتعامل مع هذا الخليفة
يروي هذه القصَّة
٨▣قال:(امْتدَحْتُ عمر بن عبد
العزيز,يوم كان واليًا على المدينة،
فأمر لي بِخَمس عشرة ناقةً من
كرائم الإبل،فلمَّا صِرْن في يدي,
تأمَّلْتهنّ فراعني منظرهنّ،وكرهْتُ
أن أمْضي بهنّ وحدي في فِجاج
الأرض,خوْفًاعليهِنّ،ولم تَطِبْ نفسي
بِبَيْعِهِنّ
٩▣وفيما أنا كذلك,قدِمَت علينا
رُفْقةٌ تبتغي السَّفر نحْوَ دِيارنا في
نَجد،فسألتهم صحبةً،فقالوا: مرحبًا
بك،ونحن نخرج الليلة,فأعِدَّ نفسك
للخروج معنا
١٠▣فمَضَيْت إلى عمر بن عبدالعزيز
مُوَدِّعًا،فألْفَيْتُ في مجلسهِ شيخَين
لا أعرفهما،فلمَّا هَمَمْتُ بالانصراف،
الْتفتَ إليّ،وقال:يا دُكَين, إنَّ لِيَ
نفسًا توَّاقة،فإذا عرفْت أنِّي بلغت
أكثر مِمَّا أنا فيه الآن فأْتِني،ولك
منِّي البرّ والإحسان
١١▣فقلتُ:أشْهِدْ لي بذلك أيهاالأمير
؟ فقال:أُشْهِدُ الله تعالى على ذلك،
١٢▣هذا الكلام كان لمَّا كان واليًا-
فقلتُ:من خلقهِ؟-أيْ أريد شاهدًا
من خلْقه- فقال:هذين الشَّيْخَين،
فأقْبلْتُ على أحدهما،وقلتُ: بأبي
أنت وأمِّي,قلْ لي:ما اسْمك حتى
أعْرفك؟
١٣▣فقال:سالم بن عبد الله بن
عمر بن الخطَّاب,فالْتَفَتُّ إلى الأمير،
وقلتُ:لقد اسْتسْمَنْتُ الشاهد, -أي
هذا الشاهد جيّد
١٤▣ثمَّ نظرْتُ إلى الشيخ الآخر,
وقلتُ:ومن أنت جُعِلْتُ فداك؟
فقال:أبو يحيى مولى الأمير،
فقلْت: وهذا شاهدٌ من أهله، كان
شاعرًا ذو دعابة
١٥▣قال:ثمَّ حيَّيْت,وانْصرفْتُ
بالنُّوق إلى ديار قومي في نَجْد،
قال:فرمى الله فيهنّ البرَكة, حتى
اقْتَنَيْتُ من نِتاجهنّ الإبل والعبيد،
أي هذه الخمس عشرة ناقة طرحَ
الله فيهنّ البرَكة-
١٦▣ثمَّ دارَت الأيَّام دوْرتها،فبَين أنا
بِصَحراء ثلجٍ من أرض اليَمامة في
نجْد،إذْ ناعٍ ينعي أمير المؤمنين
سليمان بن عبد الملك,
١٧▣فقلْتُ للناعي:ومَن الخليفة
الذي قام بعدَهُ؟فقال:عمر بن عبد
العزيز،فما إن سمعْتُ مقالتهُ,حتَّى
شدَدْتُ رحالي نحو بلاد الشام،
١٨▣فلمَّا بلغْتُ دمشق,لقيتُ جريرًا
منْصرفًا عند الخليفة فحيَّيْتُهُ,
وقلتُ:من أين يا أبا حمزة؟فقال:
من عند خليفة يعطي الفقراء،ويمنعُ
الشعراء,اِرْجِعْ من حيث أتَيْتَ,فذلك
خير لك
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع