١٩▣فقلتُ:ليَ شأنٌ غير شأنِكم،أنا
لي وضْع خاصّ،لي معه شاهدين
وعهْد،فقال:أنت وما تريد
٢٠▣فانطلقتُ حتى بلغتُ دار
الخليفة، فإذا هو في باحة الدار،
وقد أحاط به اليتامى,والأرامل,
وأصحاب الظلمات،فلم أجِد سبيلاً
إليه من تزاحمهم عليه
٢١▣ فرفعْتُ صوتي مرتفعًا:
يا عمر الخيرات والمكارم
وعمر الدسائع العظائم
٢٢▣ الدسائع جمعُ دسيعة،وهي
الجفنة العظيمة،والقدر الذي يُقدَّم
فيه الطعام
٢٣▣قال:
إنِّي امرؤٌ من قطنٍ من دارم
طلبْتُ دَيني من أخي المكارم
٢٤▣فنَظَرَ إليّ مَولاه أبو يَحيى
نظْرة طويلة،ثمَّ الْتفتَ إليه وقال:
ياأمير المؤمنين,إنَّ عندي لهذا
البدويّ شهادةً عليك,كان أحد
شهوده مولاه أبو يحيى،
٢٥▣فقال:أعرفها,ثمَّ الْتفتَ إليّ
وقال:اُدْنُ مِنِّي يا دُكَين،فلمّا صِرْت
بين يديه مال عليّ,وقال:أتَذْكرُ ما
قلتهُ لك في المدينة:من أنَّ نفسي
ما نالَت شيئًا قطّ،إلا أنَّها تاقَتْ إلى
ما هو أعلى منه؟
٢٦▣فقلتُ:نعم،ياأمير المؤمنين,
فقال:وهذا أنا ذا نِلْتُ غايَةَ ما في
الدنيا،وهو المُلك،فنَفْسي الآن تتُوقُ
إلى غايَة ما في الآخرة،وهي الجنَّة
٢٧▣ثمَّ قال:يا دُكَين،إنّي والله ما
رزأْتُ-أخذْتُ-المسلمين في أموالهم
درهمًا ولادينارًا منذ وُليتُ هذا
الأمر
٢٨▣وإنِّي لاأملكُ إلا ألف درهمٍ,
فَخُذْ نصفها،واتْرُك ليَ نصْفها,
فأخذْتُ المال الذي أعْطانيه، فو
الله ما رأيْتُ أعظمَ منه بركةً)
٢٩▣هذه أوَّل صورة،شاعر أعْطاه
يوم كان أميرًا خمس عشرة ناقة،
فلمَّا صار خليفة,أعطاه خمسمئة
دينار من ماله الشَّخصي،وهو يُقسمُ
أنَّه ما أخذ دينارًا واحدًا من
مسلمٍ من رعِيَّتِهِ
📚سيرة التابعين للشيخ النابلسي
🌷🍃
11:07
🌷∫∫التابعي عمر بن عبدالعزيز(٢) ∫∫
《 الـحـلقـــ٢ــة و #الاخيرة 》
💎2- ما رواه قاضي الموصل
يحيى بن يحيى الغساني :
٣٠▣الصورة الثانيَة:يرْويها قاضي
الموصِل يحيى بن يحيى الغسَّاني،
يقول:(بينما عمر يطوف ذات يومٍ
في أسواق حمص,يتفقَّد الباعة،
ولِيَتَعَرَّف على الأسعار,
٣١▣إذْ قام إليه رجلٌ,عليه برْدان
أحمران قطريَّان,وقال: يا أمير
المؤمنين،لقد سمعتُ أنَّك أمرْت من
كان مظلومًا أن يأتِيَك,فقال: نعم،
وها أنا قد أتَيْتُكَ،وها قد أتاك رجل
مظلومٌ بعيد الدار،
٣٢▣فقال عمر:وأين أهلك؟ فقال:
في عَدَن،فقال عمر: إنَّ مكانك من
مكان عمر لبعيدٌ،ثمَّ نزل عن دابَّتِهِ,
ووقفَ أمامه,وقال:وما ظلامتُكَ؟
٣٣▣ فقال: ضَيْعَةٌ لي - بستان -
وثَبَ عليها رجل مِمَّن يلوذون بك،
وانْتَزَعَها مِنِّي،
٣٤▣فكتَبَ عمر كتبًا إلى عروة بن
محمَّد واليه على عَدَن, يقول فيه:
أما بعد،فإذا جاءك كتابي هذا,
فاسْمَع بيِّنَة حامِلِه,فإن ثبتَ له
حقّ,فادْفَعْ له حقَّه،
٣٥▣ثمَّ ختَمَ الكتاب،وناولَهُ الرجل،
فلمَّا همَّ الرَّجل بالانصراف,قال له
عمر:على رِسْلِك،إنَّك قد أتَيْتنا من
بلدٍ بعيد،ولا ريْبَ في أنَّك اسْتنفذْتَ
في رحلتك هذه زادًا كثيرًا،وأخلقْتَ
ثيابًا جديدة،ولعلَّه نفقَت لك الدابة،
٣٦▣ثمَّ حسب ذلك كلَّه,فبلغَ ذلك
أحدَ عشر دينارًا,فدَفَعَها إليه،وقال:
أَشِعْ هذا في الناس،قلْ للناس:إنّ
عمر أعطاني نفقة السَّفَر، حتى
لا يتثاقلَ مظلومٌ عن رفْعِ ظُلامتِهِ
بعد اليوم, مهما كان بعيد الدار)
💎3-》-ما رواه زياد بن ميسرة
المخزومي:
٣٧▣وأما الصورة الثالثة:هذه
الصـورة يرويها العابد الزاهد زِياد
بن ميْسَرَة المخزومي,بِالولاء،
٣٨▣فيقول:(أرسلني موْلاي عبد
الله بن عياش من المدينة إلى
دمشق للِقاء أمير المؤمنين عمر
بن عبد العزيز في حوائج له،
٣٩▣وكانت بيني وبين عمر صِلَةٌ
قديمة,ترجعُ إلى عهْد ولايتِهِ على
المدينة، فدخلْت عليه,فإذا عندهُ
كاتبٌ يكتب له،
٤٠▣فلمَّا صرْتُ في عتبة الحجرة,
قلْتُ:السلام عليكم،فقال:وعليكم
السلام ورحمة الله يا زِياد,
٤١▣ثمَّ مضَيْتُ نحْوهُ خَجِلاً، لأنّي
لم أُسلِّمْ عليه بإمرة المؤمنين،فلمَّا
انْتَهيْتُ إليه قلتُ: السَّلام عليك يا
أمير المؤمنين ورحمة الله تعالى
وبركاته، عدَّلَ,
٤٢▣ فقال:يا زِياد, إنَّني لمْ أُنْكرْ
عليك السَّلام الأوّل، فما الحاجة
إلى الثاني؟
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع