٣٤❖والأيَّام دارَتْ مرَّةً ثانيَة،ولَحِقَ
معاوية,وابنه يزيد ومروان بن
الحكم,إلى جوار ربِّهم،وآلتْ زعامة
بني أميَّة إلى عبد الملك بن مروان،
فنادى بنفسه خليفة للمسلمين,
فبايعَهُ أهل الشام،وكان أهل الحجاز
والعراق,قد بايعوا لعبد الله بن الزبير
٣٥❖الآن هناك مشكلة وانتقام،
عبد الله بن الزبير يحكم الحجاز
والعراق، وعبد الملك بن مروان
يحكم بقيَّة البلاد الإسلاميّة،وطفقَ
كلّ منهما يدعو منْ لم يُبايِعهُ لِبَيْعَتِه
ِويزعم لنفسه أنّه أحقّ بالخلافة من
صاحبه
٣٦❖فانْشقّ صفّ المسلمين مرَّةً
أخرى،وهنا طلب عبد الله بن الزبير
من محمَّد بن الحنفيَّة أن يُبايِعَهُ كما
بايعهُ أهل الحجاز،
٣٧❖غير أنَّ ابن الحنفيَّة لم يكن
يخفى عليه,أنَّ البيْعة تجعل في
عنقِهِ لِمَن يُبايِعُه حقوقًا كثيرة،منها:
سلّ سيْفِهِ دونه،وقتال مخالفيه،
ومامخالفوه إلا مسلمين قداجْتهدوا
فبايعوا لغير من بايَع، فهو ما أراد
أن يكون ورقةً رابحةً في يدي أحد
الطَّرفَين
٣٨❖فقال لعبد الله بن الزبير:(إنَّك
لَتَعْلم علْم اليقين أنَّه ليس لي في
هذا الطلب أرَبٌ ولا مأرب،وإنَّما أنا
رجل من المسلمين, فإذا اجْتمعَت
كلمتهم عليك,أو على عبد الملك,
بايعْتُ من اجْتمعَت كلمتهم عليه،
أما الآن فلا أُبايِعُك، ولا أُبايِعُهُ .
٣٩❖فجعل عبد الله يُعاشرهُ،ويُلايِنُهُ
تارةً، ويعرض عنه,ويُجافيه تارةً
أخرى،
٤٠❖غير أنّ محمّد بن الحنفيَّة ما
لبث أن انْضمَّ إليه رجالٌ كثيرون
رأَوا رأيَهُ, وأسْلموا قيادهُم إليه,
حتى بلغوا سبعة آلاف رجل مِمَّن
آثروا اعتزال الفتنة
٤١❖وكان كلَّما ازْداد أتباع بن
الحنفيّة عددًا,ازْداد بن الزبير منهم
غيظًا،فألحَّ عليه بطلبِ البيعَة،فلمَّا
يئس من ذلك،أمرهُ هو ومن معه
من بني هاشم وغيرهم,أن يلْزموا
شِعْبهم بِمَكّة،وجعل عليهم الرّقباء،
-يعني إقامة جَبريَّة,
٤٢❖ثمّ قال لهم:والله لتُبايِعُنّ أو
لأهدِّدنَّكم،ثمّ حبسهم في بيوتهم
حتى إنَّه هدّدهم بالقتل ،
٤٣❖عند ذلك قام إليه جماعة من
أتباعه,وقالوا:دعنا نقتل ابن الزبير،
ونُريح الناس منه,
٤٤❖فقال:أفنوقِد نار الفتنة التي
من أجلها اعْتزَلنا،ونقتل رجلاً من
صحابة رسول الله,ومن أبناء
صحابته؟ لا, والله لا نفعل شيئًا
ممَّا يُغضب الله ورسوله)
📚سيرة التابعين للشيخ النابلسي
🍃🌸ـــــــஜ
11:08
🌷∫∫ التابعي محمد بن الحنفية
بن الإمام علي كرم الله وجهه ∫∫
《 الــحــلقـــ٣ـــة 》
💎- ما فعل عبد الملك حينما علم
بشأن محمد بن الحنفية, وهل حقق
عبد الملك من جراء خطته شيئاً ؟
٤٥❖لمَّا بلغ عبد الملك بن مروان
ما يعانيه محمّد بن الحنفيّة ومن
معه من بأس ابن الزبير,رأى الفرصة
سامحةً لاسْتِمالتهم إليه،
٤٦❖فأرسل إليه كتابًا مع رسول
من عنده، لو كتبه لأحد أبنائه لما
كان أرقّ لهْجةً، ولا ألطفَ خِطابًا،
وكان ممَّا جاء فيه :
٤٧❖(لقد بلغني أنَّ ابن الزبير قد
ضيَّقَ عليك،وعلى من معك الخِناق،
وقطع رحمك،واسْتخفَّ بِحَقِّك،
وهذه بلاد الشام مفتوحة أمامك,
تستقبلك أنت ومن معك على
الرحْب والسّعة،فانزِل فيها حيث
تشاء،تلقى بالأهل أهلاً، وبالجيران
أحبابًا،
٤٨❖وسوف تجد عارفين لحقِّك،
مقدِّرين لفضلك، واصلين لرَحِمِك
إن شاء الله,
٤٩❖سار محمّد بن الحنفيَّة ومن
معه مُيمِّمين وجوههم شطر بلاد
الشام، فلمَّا بلغوا أبلة استقروا فيها،
وأبلة شمال بلاد العقبة،فأنزلهم
أهلها أكرَمَ منْزِل، وجاوروهم أحْسنَ
جِوار، وأحبُّوا محمَّد بن الحنفيَّة،
وعظَّموه لما رأوا من عُمْق عبادته,
وصدْق زهادته،
٥٠❖فطفقَ يأمرهم بالمعروف،
وينهاهم عن المنكر، ويُقيم فيهم الشعائر،ويصلح ذات بينهم، -وهكذا
المؤمن،أينما جلس, يصلحُ بين
المسلمين،ويأمر بالمعروف، وينهى
عن المنكر، في إقامته, وسفره،
٥١❖ فلمَّا بلـغ ذلك عبد الملك بن
مروان,شقّ عليه الأمر،واستشار
خاصَّته،فقالوا:ما نرى أن تسمح له
أن يقيم في مملكتك،وسيرته كما
علمْت,يستقطب الناس من حوله،
٥٢❖وكلَّما امتدَّ به العمر, زادتْ
جماعته،ولا مصلحةَ أن يقيم في
مملكتك،فإما أن يُبايِعَ لك، وإما أن
يرجع من حيث جاء،
٥٣❖فكتـب إليه عبد الملك يقول:
إنّك قد قدمْت بلادي, فنزلْت في
طرفٍ منها، وهذه الحرب قائمة
بيني وبين عبد الله بن الزبير، وأنت
رجل لك بين المسلمين ذِكْر ومكانة،
وقد رأيتُ ألاّ تقيم في أرضي إلا إذا
بايعتني،
٥٤❖فإن بايعْتني فلك منِّي مئة
سفينة,قدِمَت عليّ أمس من القلْزَم,
فخُذْها بمافيها،وبمن فيها،ولك معها
ألف ألف درهم مع ما تفرضه من
فريضة لنفسك, ولأولادك, ولذوي
قرابتك, ومواليك, ومن معك,
٥٥❖-إغراء عجيب! ملايين وسفن
كلّها لك على أن تُبايِعَني-
فإن لمْ تُبايِعني, فارْجِع من حيث
أتَيْتَ،وإن أبيْت,فتحوَّل عنِّي إلى
مكان, لا سلطان لي عليه .
٥٦❖فكتب إليه محمَّد بن الحنفيَّة
يقول:من محمّد بن علي إلى عبد
الملك بن مروان,سلامٌ عليك، وإنِّي
أحمد الله الذي لا إله إلا هو إليك،
أما بعد:
٥٧❖فلعلَّك تتخوَّف منِّي، وكنتُ
أحْسبُ أنَّك عارفٌ بِحَقيقة موقفي
من هذا الأمر، ووالله لو اجْتمعَت
عليَّ هذه، وإنّي لما أبيْت أن أبايِع
عبد الله, أساء جِواري،
٥٨❖ثمّ كتبتَ إليّ تدعوني إلى
الإقامة في بلاد الشام، فنزلت بِبَلْدةٍ
من أطراف أرضك برُخص أسعارها،
وبعْدها عن مركز سلطانك، فكتبت
No comments:
Post a Comment
اكتب تعليق حول الموضوع