التنمر المدرسي


التنمر المدرسي ، البلطجة ، التسلط ، الترهيب ، الاستئساد ، الاستقواء ، bullying ، أسماء مختلفة لظاهرة سلبية نشأت في الغرب و بدأت تغزو مدارسنا بفعل تأثيرات العولمة و الغزو الإعلامي الغربي ، و يكفي الاطلاع على الإحصائيات العالمية الخاصة بهذه الظاهرة للوقوف على خطورتها . ففي الولايات المتحدة الأمريكية – التي يعتبر فيها التنّمر المشكلة الأكثر حضوراً من مشاكل العنف في المدارس- تُشير الدراسات بأن ثمانية من طلاب المدارس الثانوية يغيبون يوماً واحداً في الأسبوع على الأقل بسبب الخوف من الذهاب إلى المدرسة خوفا من التنمر..

ما هي  ظاهرة التنمر المدرسي ؟

يعرف   التنمر على أنه سلوك عدواني متكرر يهدف للإضرار بشخص آخر عمداً ، جسديا أو نفسيا ، و يهدف إلى اكتساب السلطة على حساب شخص آخر . يمكن أن تتضمن التصرفات التي تعد تنمرا التنابز بالألقاب ، أو الإساءات اللفظية أو المكتوبة (كالكلمات مثل: التهديد، التوبيخ، الإغاظة والشتائم )، كما يمكن أن تكون بالاحتكاك الجسدي كالضرب والدفع والركل ، أو حتى بدون استخدام الكلمات أو التعرض الجسدي مثل التكشير بالوجه أو الإشارات غير اللائقة، بقصد وتعمد عزله من المجموعة أو رفض الاستجابة لرغبته.  ) ، أو الإاقصاء المتعمد من الأنشطة ، أو من المناسبات الاجتماعية ،   أو الإكراه . و يمكن أن يتصرف المتنمرون بهذه الطريقة كي يُنظر إليهم على أنهم محبوبون أو أقوياء أو قد يتم هذا من أجل لفت الانتباه . و يمكن أن يقوموا بالتنمر بدافع الغيرة أو لأنهم تعرضوا لمثل هذه الأفعال من قبل. يقترح مركز الولايات المتحدة الوطني لإحصاءات التعليم تقسيما ثنائيا للتنمر: 

تنمر مباشر،

 وتنمر غير مباشر والذي يُعرف أيضاً باسم العدوان الاجتماعي ، ويتميز هذا الأخير بتهديد الضحية بالعزل الاجتماعي ، وتتحقق هذه العزلة من خلال مجموعة واسعة من الأساليب ، بما في ذلك نشر الشائعات ، ورفض الاختلاط مع الضحية ، والتنمر على الأشخاص الآخرين الذين يختلطون مع الضحية ، ونقد أسلوب الضحية في الملبس وغيرها من العلامات الاجتماعية الملحوظة (مثل التمييز على أساس عرق الضحية ، أو دينه ، أو الإعاقة…

أبعاد التنمر 

 تاثير على المتنمر عليه ، و الذي يقع عليه الفعل الإكراهي المؤلم ، و يمكن أن يؤدي إلى عواقب وخيمة على مساره الدراسي و صحته النفسية تصل في بعض الأحيان إلى درجة الانتحار .

 واذا أهملنا الطفل المعتدِي ولم نقومه – تربويا وسلوكيا – سنعرض أطفالا آخرين للوقوع في نفس المشكلة ، و هكذا سنساهم في انتشار الظاهرة بصورة أكبر في المجتمع .

أسباب التنمر

ترجع الدراسات أسباب ظهور التنّمر في المدارس إلى التغيّرات التي حدثت في المجتمعات الإنسانية ، و المرتبطة أساسا بظهور العنف و التمييز بكل أنواعه ، واختلال العلاقات الأسرية في المجتمع ، وتأثير الاعلام على المراهقين في المراحل المتوسطة والثانوية ، وكثرة المهاجرين الفقراء الذين يسكنون الأحياء الفقيرة وعدم قدرة أهل هؤلاء الطلبة المتُنمّرين على ضبط سلوكاتهم . و عموما يمكن تلخيص أهم الأسباب التي أدت إلى انتشار ظاهرة التنمر في النقط التالية :

1- الأسباب النفسية و الاجتماعية 

في كثير من الأحيان ، ينحدر المتنمرون من الأوساط الفقيرة و من العائلات التي تعيش في المناطق المحرومة ، أو ما يسمى أحزمة الفقر ، و تعاني من مشاكل اقتصادية ، في ظل وضع اجتماعي يتسم باتساع الهوة و الفوارق بين الطبقات الاجتماعية . و من الناحية النفسية  عادةً ما يكون المتنمرون ، و خصوصا القادة منهم ، ذوي شخصيات قوية و من الشخصيات السيكوباثية المضادة للمجتمع ، و تكمن خطورة هذا النوع في إمكانية تحوله خارج المدرسة إلى مشروع مجرم يهدد استقرار المجتمع ، حيث غالبا ما يؤسس المتنمرون عصابات إجرامية أو ينضمون إلى عصابات إجرامية قائمة . إلى جانب ما ذكر ، يمكن أن يلجأ الطفل إلى العنف نتيجة مرضه واضطراباته السلوكية. فأحياناً تعود أسباب التنمر إلى اضطرابات نفسية قد تحتاج إلى علاج دوائي وهذا بالطبع يكون بعد أن يتم الكشف من قِبل طبيب نفسي ومن الأهمية أن يكون هذا الطبيب مختصاً في الطب النفسي للأطفال .

2-الأسباب الأسرية

اهمال الأسر دورهم في  المتابعة التربوية وتقويم السلوك وتعديل الصفات السيئة و التربية الحسنة . و قد يحدث هذا نتيجة انشغال الأب أو الأم أو هما معا عن تربية أبنائهما و متابعتهم ، مع إلقاء المسؤولية على غيرهم من المدرسين أو المربيات في البيوت . و إلى جانب الإهمال ، يعتبر العنف الأسري من أهم أسباب التنمر ، فالطفل الذي ينشأ في جو أسري يطبعه العنف سواء بين الزوجين أو تجاه الأبناء أو الخدم ، لابد أن يتأثر بما شاهده أو ما مورس عليه . وهكذا فإن الطفل الذي يتعرض للعنف في الأسرة ، يميل إلى ممارسة العنف والتنمّر على الطلبة الأضعف في المدرسة ..

3-الأسباب المرتبطة بالحياة المدرسية

الاعتداء اللفظي و الجسدي على المدرسين من طرف الطلاب و أولياء أمورهم ، حيث اندثرت حدود الاحترام الواجب بين الطالب ومعلمه ، مما أدى إلى تراجع هيبة المعلمين و تأثيرهم على الطلاب ، الأمر الذي شجع بعضهم على التسلط و التنمر على البعض الآخر ، تماما كما يقع في المجتمعات عندما تتراجع هيبة الدولة و المؤسسات . إلى جانب ذلك يمكن أن يؤدي التدريس بالطرق التقليدية التي تعتمد مركزية المدرس كمصدر وحيد للمعرفة و كمالك للسلطة المطلقة داخل الفصل ، إلى دفع هذا الأخير إلى اعتماد العنف و الإقصاء كمنهج لحل المشكلات داخل الفصل ، مما يخلق بيئة مناسبة لنمو ظاهرة التنمر . هذا بالإضافة إلى غياب الأنشطة الموازية داخل المدارس ، و اختزال الحياة المدرسية في الأنشطة الرسمية التي تمارس داخل الفصل في إطار تنزيل البرامج الدراسية .

4-الأسباب المرتبطة بالإعلام و الثورة التقنية

تعتمد الألعاب الإلكترونية عادة على مفاهيم مثل القوة الخارقة وسحق الخصوم واستخدام كافة الأساليب لتحصيل أعلى النقاط والانتصار دون أي هدف تربوي ، لذلك نجد الأطفال المدمنين على هذا النوع من الألعاب ، يعتبرون الحياة اليومية بما فيها الحياة المدرسية ، امتدادا لهذه الألعاب ، فيمارسون حياتهم في مدارسهم أو بين معارفهم والمحيطين بهم بنفس الكيفية . وهنا تكمن خطورة ترك الأبناء يدمنون ألعاب العنف. كما ان 

ما يعرض في التلفاز من أفلام – سواء كانت موجهة للكبار أو الصغار – نلاحظ تزايد مشاهد العنف و القتل الهمجي و الاستهانة بالنفس البشرية بشكل كبير في الآونة الأخيرة ، و لا يخفى على أحد خطورة هذا الأمر خصوصا إذا استحضرنا ميل الطفل إلى تصديق هذه الأمور و ميله الفطري إلى التقليد و إعادة الإنتاج .

علاج التنمر

أول خطوة لعلاج هذه المشكلة هو الاعتراف بوجودها ، تليها مرحلة التشخيص للوقوف على حجم هذه الظاهرة في مدارسنا و تحديد المستويات الدراسية التي تنتشر فيها أكثر من غيرها ، و معرفة الأسباب التي تؤدي إلى انتشار التنمر . عندئذ يمكننا أن نعمل على إيجاد حلول لهذه المشكلة التي تنتشر أكثر في الدول الغربية بسبب التغييرات التي تحدث في المجتمعات وتأثير الإعلام الذي غيّر كثيراً من سلوكيات الأطفال والمراهقين ، و امتد تأثيره ليشمل حتى سلوكيات البالغين ..

1-العلاج الأسري

تعتبر الأسرة البيئة الأولى التي تؤثر في سلوك الطفل ، و هي بذلك تكتسي أهمية بالغة في ترتيب المتدخلين في علاج ظاهرة التنمر ، و ليكون التدخل الأسري فعالا ، لابد من التروي و عدم العجلة في الحكم على سلوك الطفل و وصفه بالمتنمر قبل أن تتضح الرؤية و تتم دراسة المشكلة من جميع الجوانب ، و استشارة جميع المتدخلين في حياة الطفل ، بما في ذلك بحث الصعوبات التي يمكن أن يواجهها الطفل في المدرسة فيما يخص التحصيل الدراسي ، و التي يمكن أن تكون وراء سلوكه العدواني . و في حالة ثبوت تنمر الطفل ، يجب مناقشته بهدوء و تعقل ، و استفساره حول الأسباب التي تجعله يسلك هذا المنحى تجاه أقرانه ، وتوضيح مدى خطورة هذا السلوك ، و آثاره المدمرة على الضحية . و في جميع الأحوال ، يجب تفادي وصف الطفل بالمعتدي أو المتنمر أو أي نعت قادح أمام زملائه ، لأن ذلك يمكن أن يأتي بنتائج عكسية وخيمة ، كما يجب على الآباء عدم اختلاق الأعذار للطفل والتبرير لأفعاله وبخاصة أمام المعلمين و الزملاء . من جهة أخرى ، ينبغي التحكم فيما يشاهده الطفل في التلفاز ، و تذكير الأطفال بوجوب احترام مشاعر الآخرين ، بمناسبة عرض مشاهد لأشخاص يتعرضون لمواقف مضحكة أو محرجة ، وإقناعهم أن هذه الأمور غير مسلية وشرح شعور الآخرين إذا ما كانوا ضحايا لمثل هذه التصرفات. و عموما ، ينبغي على الوالدين التعامل مع الموضوع بجدية لأن الأطفال الذين يتنمرون على الآخرين عادة ما يواجهون مشاكل خطيرة في حياتهم المستقبلية ، وقد يواجهون اتهامات جنائية ، وقد تستمر المشاكل في علاقاتهم مع الآخرين . أما في حالة كان الابن ضحية للتنمر ، فيجب على الوالدين إبلاغ الإدارة ، والشروع في تعليم الطفل مهارات تأكيد الذات ، ومساعدته على تقدير ذاته من خلال تقدير مساهماته و إنجازاته ، وفي حال كان منعزلا اجتماعيا بالمدرسة فيجب إشراكه بنشاطات اجتماعية تسمح له بالاندماج مع الآخرين وبناء ثقته بنفسه.

2-العلاج المدرسي

إن التعامل الأمثل مع التنمر المدرسي يتم من خلال تطوير برنامج مدرسي واسع بالتعاون بين الإدارة التربوية والطلبة والمعلمين وأولياء الأمور والمجتمع المدني ، بحيث يكون هدف هذا البرنامج هو تغيير ثقافة المدرسة ، وتأكيد الاحترام المتبادل ، والقضاء على التنمر ومنع ظهوره. و من المفيد جدا في هذه الحالة الانطلاق من برنامج ألويس لمكافحة التنمر الذي تم تطويره في الثمانينيات من قبل العالم النفسي النرويجي دان ألويس  . ويهدف البرنامج لمكافحة التنمر ومساعدة الأطفال على العيش بشكل أفضل و جعل بيئة المدرسة أكثر ايجابية . وقد استخدم برنامج ألويس في أكثر من اثني عشرة دولة على نطاق العالم و قد أظهرت الدراسات أن حالات التنمر في المدارس التي استخدمت هذا النظام قد تراجعت بنسبة 50% خلال عامين . و يعتبر أهم جزء في برنامج ألويس هو تشجيع شهادة الشهود أو ” الغالبية المهتمة ” من الطلبة الذين لم يتعرضوا للتنمر و لم يقوموا بالتنمر على أحد ، و يتم تطبيق هذا البرنامج على مدى عدة سنوات ، تتخللها وقفات لتقويم النتائج و لقياس مدى فعاليته في التقليل من انتشار ظاهرة التنمر والتخفيف من حدة آثارها.

و ليكون البرنامج العلاجي فعالا ، لابد أن يشمل الأمور التالية :

– توعية المعلمين والأهالي والطلبة بماهية سلوك التنمر و خطورته . 

– إشراك المجتمع المدني و الشركاء المؤسساتيين للمدرسة في محاربة الظاهرة .

– إدراج التربية على المواطنة و السلوك المدني في المناهج الدراسية .

– تشديد المراقبة و اليقظة التربوية للرصد المبكر لحالات التنمر.

– وضع برامج علاجية للمتنمرين بالشراكة مع المختصين في علم النفس. 

– وضع ميثاق للفصل يوضح حقوق جميع الأطراف و واجباتهم على شكل التزام يشارك الجميع في صياغته و التوقيع عليه.

– تنظيم أنشطة موازية تهتم بتنمية الثقة بالنفس و تأكيد و احترام الذات. 

– تشجيع الضحايا على التواصل مع المختصين في حالة تعرضهم لسلوكيات التنمر.

– إثارة النقاشات في الفصل و استغلال اللعب للتعلم ( البيداغوجيا) من خلال لعب دور الضحية للإحساس بشعورها في موقف التنمر.

Comments

Search This Blog

Archive

Show more

Popular posts from this blog

TRIPASS XR تري باس

CELEPHI 200 MG, Gélule

ZENOXIA 15 MG, Comprimé

VOXCIB 200 MG, Gélule

Kana Brax Laberax

فومي كايند

بعض الادويه نجد رموز عليها مثل IR ، MR, XR, CR, SR , DS ماذا تعني هذه الرموز

NIFLURIL 700 MG, Suppositoire adulte

Antifongiques مضادات الفطريات

Popular posts from this blog

علاقة البيبي بالفراولة بالالفا فيتو بروتين

التغيرات الخمس التي تحدث للجسم عند المشي

إحصائيات سنة 2020 | تعداد سكَان دول إفريقيا تنازليا :

ما هو الليمونير للأسنان ؟

ACUPAN 20 MG, Solution injectable

CELEPHI 200 MG, Gélule

الام الظهر

VOXCIB 200 MG, Gélule

ميبستان

Popular posts from this blog

TRIPASS XR تري باس

CELEPHI 200 MG, Gélule

Popular posts from this blog

TRIPASS XR تري باس

CELEPHI 200 MG, Gélule

ZENOXIA 15 MG, Comprimé

VOXCIB 200 MG, Gélule

Kana Brax Laberax

فومي كايند

بعض الادويه نجد رموز عليها مثل IR ، MR, XR, CR, SR , DS ماذا تعني هذه الرموز

NIFLURIL 700 MG, Suppositoire adulte

Antifongiques مضادات الفطريات

Popular posts from this blog

Kana Brax Laberax

TRIPASS XR تري باس

PARANTAL 100 MG, Suppositoire بارانتال 100 مجم تحاميل

الكبد الدهني Fatty Liver

الم اسفل الظهر (الحاد) الذي يظهر بشكل مفاجئ bal-agrisi

SEDALGIC 37.5 MG / 325 MG, Comprimé pelliculé [P] سيدالجيك 37.5 مجم / 325 مجم ، قرص مغلف [P]

نمـو الدمـاغ والتطـور العقـلي لـدى الطفـل

CELEPHI 200 MG, Gélule

أخطر أنواع المخدرات فى العالم و الشرق الاوسط

Archive

Show more