عصاب الهستيريا.


الهستيريا هي مرض نفسي عصابي ، تظهر فيه اضطرابات انفعالية مع خلل في أعصاب الحس والحركة . وهي عصاب تحولي تتحول فيه الانفعالات المزمنة إلى أعراض جسمية ليس لها أساس عضوي ، لغرض فيه للفرد أو هروبا من الصراع النفسي ، أو من القلق ، أو من موقف مؤلم بدون أن يدرك الدافع لذلك ، وعدم إدراك الدافع يميز مريض الهستيريا عن المتمارض الذي يظهر المرض لغرض محدد مفيد .

 وفي الهستيريا تصاب مناطق الجسم التي يتحكم فيها الجهاز العصبي المركزي ( الإرادي ) مثل الحواس وجهاز الحركة . وهذا غير المرض النفسي الجسمي، حيث تصاب الأعضاء التي يتحكم فيها الجهازالعصبي الذاتي (اللاإرادي) .

الهستيريا مرض نفسي متعدد الأنواع ، فهناك من يطلق أسم الهستيريا التحولية Conversion ، أو رد فعل التحويل Conversion Reaction، أي التي تعني تحويلا جسميا لأمور نفسية نظرا لأنها تعتمد على حيلة دفاعية نفسية أساسية هي التحويل ، حيث تحول الإنفعالات والصراعات إلى أعراض جسمية كحل رمزي للصراع ،  وهناك الإغماء الهستيري Hysterical Trance  ، ويتمثل في نوبات يفقد المريض وعيه ، وقد يتصلب جسمه أو يهذى بكلمات لا معنى لها أو يأتي بحركات شاذة. كما أن هناك نوعا آخر من الهستيريا وهو المعروف " بالتجوال اللاشعوري " Fugue ، ويتمثل في فقدان المريض لذاكرته لفترة طويلة ، فينسى نفسه وبيته وأهله وعمله ، ويخرج متجولا لفترة قد تطول أياما أو شهورا ، ويقوم أثنائها بأعمال ويزاول أنشطة ويجوب مناطق وبلادا ، حتى إذا أفاق من نوبة التجوال اللاشعوري هذا عادت إليه ذاكرته وتعرف على نفسه ورجع إلى بيته وأهله وعمله . وغالبا ما ينسى ما فعله أثناء نوبة التجوال . 

ومن أنواع الهستيريا أيضا تعدد الشخصية Multiple Personalities ، فيعيش المريض فترة في شخصية معينة ، وفترة أخرى في شخصية غيرها ، ثم تعاوده الشخصية الأولى لفترة أخرى ، وهكذا يعيش بالتناوب شخصيتين أو أكثر . وغالبا لا يتذكر المريض الشخصية التي سبق أن عاشها في الفترة السابقة ، بل ربما أشار إليها على أنها شخصية فرد آخر خلافه مستخدما لها اسما معينا أو ضمير "هو" . وكثيرا ما تكون الشخصيات المتبادلة ، التي يعيشها مريض تعدد الشخصية ، شخصيات متكاملة في دوافعها ورغباتها وخصائصها ، ومقطوعة الصلة أو تكاد إحداها بالأخرى . وعموما فحالات الهستيريا المتعددة الشخصية من الحالات النادرة جدا والتي تستهوي الروائيين وتلهب خيالهم .

أسباب الهستيريا : 

1 – الوراثة : 

وتعلب دورا ضئيلا للغاية ، بينما تلعب البيئة الدور الأكبر ، ولوحظ أن ( 6 % ) من إخوة المرضى ، وكذا ( 15 % ) من أبنائهم مصابون بنفس المرض ، ونعزو هذا إلى الوراثة ، كما نعزوه إلى الإيحاء البيئي والميل إلى التقليد.

2 – الأسباب النفسية للهستيريا : 

الصراع بين الغرائز والمعايير الاجتماعية ، والصراع الشديد بين الأنا الأعلى وبين الهو ( وخاصة الدوافع الجنسية ) ، والتوفيق عن طريق العرض الهستيري ، والإحباط وخيبة الأمل في تحقيق هدف أو مطلب ، والفشل والإخفاق في الحب ، والزواج غير المرغوب فيه ، والزواج غير السعيد ، والغيرة ، والحرمان ونقص العطف والانتباه وعدم الأمن ، والأنانية والتمركز حول الذات بشكل طفلي . وعدم نضج الشخصية وعدم النضج الاجتماعي ، وعدم القدرة على رسم خطة للحياة ، وأخطاء الرعاية الوالدية مثل التدليل المفرط والحماية الزائدة ... إلخ ، والضغوط الاجتماعية والمشكلات الأسرية والتوتر النفسي والهموم ، والرغبة في الهروب منها ، والرغبة في العطف واستدرار اهتمام الآخرين ، والحساسية النفسية وسرعة الاستثارة وعدم النضج الانفعالي والضغوط الانفعالية والصدمات الانفعالية العنيفة وكبتها والهروب منها عن طريق تحويلها إلى أعراض هستيرية .

3 – كون أحد الوالدين شخصية هستيرية : 

فيأخذ الطفل عنه ( اكتسابا ) سمات الشخصية الهستيرية .

4 – ومن الأسباب المباشرة للهستيريا ، فشل في حب أو صدمة عنيفة أو التعرض لحادث أو جرح أو حرق ... إلخ.

5 – شخصية المريض قبل المرض :

 تتصف عادة بميله إلى حب الطهور واستدرار العطف ، وحب الذات وحب التملك ، كما يتصف المريض عادة بالمبالغة والتهويل في كل الأمور ، وقد يطلق على هذه الشخصية اسم " الشخصية الهستيرية  .

أعراض الهستيريا :

 قد يكابد المريض الهستيري أعراض نوع واحد أو أكثر من أنواع الهستيريا وعلى مستويات مختلفة من الشدة ، مضافا إليها بعض الأعراض العامة للهستيريا : مثل اضطراب الذاكرة ، أو شدة القابلية للإيحاء ، أو سرعة تقلب المزاج ، أو اضطراب بعض الوظائف النفسية 

ولكن لا توجد كل أعراض الهستيريا في مريض واحد ، وفيما يلي أهم أعراض الهستيريا :

1 – الأعراض العامة للهستيريا : 

المرض عند بداية المدرسة ، أو عند الامتحانات ، ردود الفعل السلوكية المبالغ فيها للمواقف المختلفة ، المرض يمرض عزيز مات به ، العرض كامتداد تاريخي لمرض عضوي سابق .

2– الأعراض الحسية للهستيريا : 

وتشمل العمى الهستيري ، الصمم الهستيري ، فقدان حاسة الشم ، فقدان حاسة الذوق ، فقدان الحساسية الجلدية في عضو أو في عدة أعضاء ، الخدار الهستيري ( انعدام الحساسية العامة ) ، الألم الهستيري  .

3 – الأعراض الحركية للهستيريا : وتشمل الشلل الهستيري ( النصفي أو الطرفي أو في الجانبين أو القعاد ) ، الرعشة الهستيرية ، التشنج الهستيري ، والتقلص ، والمشي بطريقة شاذة ، واللوازم الحركية ، وتسمى هذه جميعا مظاهر حركية إيجابية ، وهناك مظاهر حركية سلبية كالصرع الهستيري ، عقال العضل ( خاصة في اليد وخاصة أثناء الكتابة وهو ما يسمى عقال الكاتب ) ، وفقدان الصوت أو النطق ، والخرس الهستيري ، وفيها تقل الحركة أو تنعدم  ، وارتجاف الأطراف والغيبوبة 

4 – الأعراض العقلية للهستيريا : 

وتشمل اضطراب الوعي ، الطفلية الهستيرية ( السلوك أو التكلم كالأطفال ) ، وفقدان الذاكرة ، وحالات الشرود ، أو نوبات الإغماء أو ازدواج أو تعدد الشخصية والجوال الليلي ، والتجوال ( وهنا يترك المريض بيته أو عمله ، ويخرج على غير هدى في تجوال أو رحلة ثم يعود ولا يذكر عن هذه الرحلة شيئا ).

5– الأعراض الحشوية :

 وتشمل فقد الشهية والشره ، والإفراط في الشرب والقيء ، ونوبات الفواق ( الزغطة ) وغيرها  ، والصداع والآلام المختلفة في الجسم .

6 – أعراض أخرى :

 مثل التهاب الجلد الزائف ( وهو مرض يتصف بأن المريض يحدث في جلده خدوشا دون وعي منه ، ويحدث ذلك عادة أثناء النوم ) 

تشخيص الهستيريا :

1 – يجب المفارقة بدقة بين الهستيريا والمرض العضوي ، وعلى الأخصائي التأكد من الخلو من الأسباب العضوية للأعراض ، واستبعاد وجود مرض عضوي . 

2 – ويجب عدم الخلط بين أعراض الهستيريا وبين أعراض المرض النفسي الجسمي 

3 – ويجب أيضا عدم الخلط بين أعراض الهستيريا وبين أعراض التفكك .

4 – ويجب التفرقة بين الهستيري والمتمارض ، فالهستيريا لاإرادية ، والهستيري لا يبالي بأعراضه ، ولا يعيرها اهتماما كبيرا ، بينما التمارض إرادي والمتمارض يعير أعراضه اهتماما زائدا ، ويدرك الفائدة التي يجنبها من وراء تمارضه .

 وعلى العموم تدل العلامات التالية على حالة الهستيريا :

* حدوث المرض فجأة أو في صورة درامية .

* نقص قلق المريض ، بخصوص مرضه ، وعدم مبالاته وهدوئه النفسي ، وهو يتحدث عن أعراض مرضه .

* الضغط الانفعالي قبل المرض .

* وجود مكسب ثانوي من وراء المرض .

* تغير الأعراض بالإيحاء .

* اختلاف شدة الأعراض في فترة وجيزة .

* عدم النضج الانفعالي في الشخصية قبل المرض .

* نقص الارتباط بين الأعراض والناحية التشريحية للأعصاب الحسية والحركية ، لأن المريض ليس طبيبا ، والمرض ليس عضويا أصلا ، فنجد نمط فقد الإحساس غير ثابت ن وفقد الإحساس لا يتطابق مع التوزيع التشريحي ... وهكذا .

علاج الهستيريا : 

فيما يلي أهم ملامح علاج الهستيريا :

1 – العلاج النفسي للهستيريا : 

وهو أهم أنواع العلاج في هذا المرض لأنه يتناول تركيب الشخصية بهدف تطويرها ونموها ، وقد يستخدم الأخصائي التنويم الإيحائي لإزالة الأعراض . ويلعب الإيحاء والإقناع دورا هاما هنا ، ويستخدم التحليل النفسي للكشف عن العوامل التي سببت ظهور الأعراض والدوافع اللاشعورية وراءها ومعرفة هدف المرض . ويقوم المعالج بالشرح الوافي والتفسير الكافي للأسباب ، ومعنى الأعراض . وكذلك يفيد العلاج التدعيمي ومساعدة المريض على استعادة الثقة في نفسه ، وتعليمه طرق التوافق النفسي السوي ، والعيش في واقع الحياة . ويستخدم العلاج الجماعي خاصة مع الحالات المشابهة ، ويجب أن يعمل المعالج باستمرار على إثارة تعاون المريض وتنمية بصيرته ومساعدته في أن يفهم نفسه ، ويحل مشكلاته ، ويحاربها بدلا من أن يهرب منها ، ويقع ضحية لها .

2 – الإرشاد النفسي للوالدين والمرافقين كالزوج أو الزوجة : 

وينصح بعدم تركيز العناية والاهتمام بالمريض أثناء النوبات الهستيرية فقط ، لان ذلك يثبت النوبات لدى المريض لاعتقاده أنها هي التي تجذب الانتباه إليه .

3 – العلاج الاجتماعي والعلاج البيئي لحالات الهستيريا : 

ويتجه إلى تعديل الظروف البيئية المضطربة التي يعيش فيها المريض بما فيها من أخطاء وضغوط أو عقبات حتى تتضمن حالته ، وبذلك يتمكن المريض من التغلب على العقبات بطريقة أقرب إلى الواقع  وفي بعض الأحوال قد تضطر إلى إبعاد المريض عن الجو الذي يثبت العرض بعض الوقت 

4 – العلاج الطبي لأعراض الهستيريا :

وفي ذلك أيضا حفظ لماء وجه المريض ، ويستخدم علاج التنبيه الكهربائي أو علاج الرجفة الكهربائية . وفي بعض الأحيان يلجأ المعالج إلى استخدام الدواء النفسي الوهمي Placebo ، ويفيد فائدة كبيرة .

مآل الهستيريا :

 يلاحظ أن حوالي ( 50 % ) من مرضى الهستيريا يتم شفاؤهم تماما مع العلاج المناسب ، وأن حوالي ( 30 % ) يتحسنون تحسنا ملحوظا ، وأن حوالي ( 20 % ) يتحسنون تحسنا بسيطا أو تستمر معهم الأعراض .

 وعلى العموم يكون مآل الهستيريا أفضل : كلما كان بدء المرض فجائيا وحادا واستمر لمدة قصيرة قبل بدء العلاج ، وكلما كان المكسب من وراء المرض ليس كبيرا ، وكلما كانت العلامات الشخصية والأسرية سليمة نسبيا ، وكلما كان المريض متوافقا مهنيا .

Comments

Search This Blog

Archive

Show more

Popular posts from this blog

TRIPASS XR تري باس

CELEPHI 200 MG, Gélule

ZENOXIA 15 MG, Comprimé

VOXCIB 200 MG, Gélule

Kana Brax Laberax

فومي كايند

بعض الادويه نجد رموز عليها مثل IR ، MR, XR, CR, SR , DS ماذا تعني هذه الرموز

NIFLURIL 700 MG, Suppositoire adulte

Antifongiques مضادات الفطريات

Popular posts from this blog

علاقة البيبي بالفراولة بالالفا فيتو بروتين

التغيرات الخمس التي تحدث للجسم عند المشي

إحصائيات سنة 2020 | تعداد سكَان دول إفريقيا تنازليا :

ما هو الليمونير للأسنان ؟

ACUPAN 20 MG, Solution injectable

CELEPHI 200 MG, Gélule

الام الظهر

VOXCIB 200 MG, Gélule

ميبستان

Popular posts from this blog

TRIPASS XR تري باس

CELEPHI 200 MG, Gélule

Popular posts from this blog

TRIPASS XR تري باس

CELEPHI 200 MG, Gélule

ZENOXIA 15 MG, Comprimé

VOXCIB 200 MG, Gélule

Kana Brax Laberax

فومي كايند

بعض الادويه نجد رموز عليها مثل IR ، MR, XR, CR, SR , DS ماذا تعني هذه الرموز

NIFLURIL 700 MG, Suppositoire adulte

Antifongiques مضادات الفطريات

Popular posts from this blog

Kana Brax Laberax

TRIPASS XR تري باس

PARANTAL 100 MG, Suppositoire بارانتال 100 مجم تحاميل

الكبد الدهني Fatty Liver

الم اسفل الظهر (الحاد) الذي يظهر بشكل مفاجئ bal-agrisi

SEDALGIC 37.5 MG / 325 MG, Comprimé pelliculé [P] سيدالجيك 37.5 مجم / 325 مجم ، قرص مغلف [P]

نمـو الدمـاغ والتطـور العقـلي لـدى الطفـل

CELEPHI 200 MG, Gélule

أخطر أنواع المخدرات فى العالم و الشرق الاوسط

Archive

Show more