Search This Blog

عصاب الهستيريا.


الهستيريا هي مرض نفسي عصابي ، تظهر فيه اضطرابات انفعالية مع خلل في أعصاب الحس والحركة . وهي عصاب تحولي تتحول فيه الانفعالات المزمنة إلى أعراض جسمية ليس لها أساس عضوي ، لغرض فيه للفرد أو هروبا من الصراع النفسي ، أو من القلق ، أو من موقف مؤلم بدون أن يدرك الدافع لذلك ، وعدم إدراك الدافع يميز مريض الهستيريا عن المتمارض الذي يظهر المرض لغرض محدد مفيد .

 وفي الهستيريا تصاب مناطق الجسم التي يتحكم فيها الجهاز العصبي المركزي ( الإرادي ) مثل الحواس وجهاز الحركة . وهذا غير المرض النفسي الجسمي، حيث تصاب الأعضاء التي يتحكم فيها الجهازالعصبي الذاتي (اللاإرادي) .

الهستيريا مرض نفسي متعدد الأنواع ، فهناك من يطلق أسم الهستيريا التحولية Conversion ، أو رد فعل التحويل Conversion Reaction، أي التي تعني تحويلا جسميا لأمور نفسية نظرا لأنها تعتمد على حيلة دفاعية نفسية أساسية هي التحويل ، حيث تحول الإنفعالات والصراعات إلى أعراض جسمية كحل رمزي للصراع ،  وهناك الإغماء الهستيري Hysterical Trance  ، ويتمثل في نوبات يفقد المريض وعيه ، وقد يتصلب جسمه أو يهذى بكلمات لا معنى لها أو يأتي بحركات شاذة. كما أن هناك نوعا آخر من الهستيريا وهو المعروف " بالتجوال اللاشعوري " Fugue ، ويتمثل في فقدان المريض لذاكرته لفترة طويلة ، فينسى نفسه وبيته وأهله وعمله ، ويخرج متجولا لفترة قد تطول أياما أو شهورا ، ويقوم أثنائها بأعمال ويزاول أنشطة ويجوب مناطق وبلادا ، حتى إذا أفاق من نوبة التجوال اللاشعوري هذا عادت إليه ذاكرته وتعرف على نفسه ورجع إلى بيته وأهله وعمله . وغالبا ما ينسى ما فعله أثناء نوبة التجوال . 

ومن أنواع الهستيريا أيضا تعدد الشخصية Multiple Personalities ، فيعيش المريض فترة في شخصية معينة ، وفترة أخرى في شخصية غيرها ، ثم تعاوده الشخصية الأولى لفترة أخرى ، وهكذا يعيش بالتناوب شخصيتين أو أكثر . وغالبا لا يتذكر المريض الشخصية التي سبق أن عاشها في الفترة السابقة ، بل ربما أشار إليها على أنها شخصية فرد آخر خلافه مستخدما لها اسما معينا أو ضمير "هو" . وكثيرا ما تكون الشخصيات المتبادلة ، التي يعيشها مريض تعدد الشخصية ، شخصيات متكاملة في دوافعها ورغباتها وخصائصها ، ومقطوعة الصلة أو تكاد إحداها بالأخرى . وعموما فحالات الهستيريا المتعددة الشخصية من الحالات النادرة جدا والتي تستهوي الروائيين وتلهب خيالهم .

أسباب الهستيريا : 

1 – الوراثة : 

وتعلب دورا ضئيلا للغاية ، بينما تلعب البيئة الدور الأكبر ، ولوحظ أن ( 6 % ) من إخوة المرضى ، وكذا ( 15 % ) من أبنائهم مصابون بنفس المرض ، ونعزو هذا إلى الوراثة ، كما نعزوه إلى الإيحاء البيئي والميل إلى التقليد.

2 – الأسباب النفسية للهستيريا : 

الصراع بين الغرائز والمعايير الاجتماعية ، والصراع الشديد بين الأنا الأعلى وبين الهو ( وخاصة الدوافع الجنسية ) ، والتوفيق عن طريق العرض الهستيري ، والإحباط وخيبة الأمل في تحقيق هدف أو مطلب ، والفشل والإخفاق في الحب ، والزواج غير المرغوب فيه ، والزواج غير السعيد ، والغيرة ، والحرمان ونقص العطف والانتباه وعدم الأمن ، والأنانية والتمركز حول الذات بشكل طفلي . وعدم نضج الشخصية وعدم النضج الاجتماعي ، وعدم القدرة على رسم خطة للحياة ، وأخطاء الرعاية الوالدية مثل التدليل المفرط والحماية الزائدة ... إلخ ، والضغوط الاجتماعية والمشكلات الأسرية والتوتر النفسي والهموم ، والرغبة في الهروب منها ، والرغبة في العطف واستدرار اهتمام الآخرين ، والحساسية النفسية وسرعة الاستثارة وعدم النضج الانفعالي والضغوط الانفعالية والصدمات الانفعالية العنيفة وكبتها والهروب منها عن طريق تحويلها إلى أعراض هستيرية .

3 – كون أحد الوالدين شخصية هستيرية : 

فيأخذ الطفل عنه ( اكتسابا ) سمات الشخصية الهستيرية .

4 – ومن الأسباب المباشرة للهستيريا ، فشل في حب أو صدمة عنيفة أو التعرض لحادث أو جرح أو حرق ... إلخ.

5 – شخصية المريض قبل المرض :

 تتصف عادة بميله إلى حب الطهور واستدرار العطف ، وحب الذات وحب التملك ، كما يتصف المريض عادة بالمبالغة والتهويل في كل الأمور ، وقد يطلق على هذه الشخصية اسم " الشخصية الهستيرية  .

أعراض الهستيريا :

 قد يكابد المريض الهستيري أعراض نوع واحد أو أكثر من أنواع الهستيريا وعلى مستويات مختلفة من الشدة ، مضافا إليها بعض الأعراض العامة للهستيريا : مثل اضطراب الذاكرة ، أو شدة القابلية للإيحاء ، أو سرعة تقلب المزاج ، أو اضطراب بعض الوظائف النفسية 

ولكن لا توجد كل أعراض الهستيريا في مريض واحد ، وفيما يلي أهم أعراض الهستيريا :

1 – الأعراض العامة للهستيريا : 

المرض عند بداية المدرسة ، أو عند الامتحانات ، ردود الفعل السلوكية المبالغ فيها للمواقف المختلفة ، المرض يمرض عزيز مات به ، العرض كامتداد تاريخي لمرض عضوي سابق .

2– الأعراض الحسية للهستيريا : 

وتشمل العمى الهستيري ، الصمم الهستيري ، فقدان حاسة الشم ، فقدان حاسة الذوق ، فقدان الحساسية الجلدية في عضو أو في عدة أعضاء ، الخدار الهستيري ( انعدام الحساسية العامة ) ، الألم الهستيري  .

3 – الأعراض الحركية للهستيريا : وتشمل الشلل الهستيري ( النصفي أو الطرفي أو في الجانبين أو القعاد ) ، الرعشة الهستيرية ، التشنج الهستيري ، والتقلص ، والمشي بطريقة شاذة ، واللوازم الحركية ، وتسمى هذه جميعا مظاهر حركية إيجابية ، وهناك مظاهر حركية سلبية كالصرع الهستيري ، عقال العضل ( خاصة في اليد وخاصة أثناء الكتابة وهو ما يسمى عقال الكاتب ) ، وفقدان الصوت أو النطق ، والخرس الهستيري ، وفيها تقل الحركة أو تنعدم  ، وارتجاف الأطراف والغيبوبة 

4 – الأعراض العقلية للهستيريا : 

وتشمل اضطراب الوعي ، الطفلية الهستيرية ( السلوك أو التكلم كالأطفال ) ، وفقدان الذاكرة ، وحالات الشرود ، أو نوبات الإغماء أو ازدواج أو تعدد الشخصية والجوال الليلي ، والتجوال ( وهنا يترك المريض بيته أو عمله ، ويخرج على غير هدى في تجوال أو رحلة ثم يعود ولا يذكر عن هذه الرحلة شيئا ).

5– الأعراض الحشوية :

 وتشمل فقد الشهية والشره ، والإفراط في الشرب والقيء ، ونوبات الفواق ( الزغطة ) وغيرها  ، والصداع والآلام المختلفة في الجسم .

6 – أعراض أخرى :

 مثل التهاب الجلد الزائف ( وهو مرض يتصف بأن المريض يحدث في جلده خدوشا دون وعي منه ، ويحدث ذلك عادة أثناء النوم ) 

تشخيص الهستيريا :

1 – يجب المفارقة بدقة بين الهستيريا والمرض العضوي ، وعلى الأخصائي التأكد من الخلو من الأسباب العضوية للأعراض ، واستبعاد وجود مرض عضوي . 

2 – ويجب عدم الخلط بين أعراض الهستيريا وبين أعراض المرض النفسي الجسمي 

3 – ويجب أيضا عدم الخلط بين أعراض الهستيريا وبين أعراض التفكك .

4 – ويجب التفرقة بين الهستيري والمتمارض ، فالهستيريا لاإرادية ، والهستيري لا يبالي بأعراضه ، ولا يعيرها اهتماما كبيرا ، بينما التمارض إرادي والمتمارض يعير أعراضه اهتماما زائدا ، ويدرك الفائدة التي يجنبها من وراء تمارضه .

 وعلى العموم تدل العلامات التالية على حالة الهستيريا :

* حدوث المرض فجأة أو في صورة درامية .

* نقص قلق المريض ، بخصوص مرضه ، وعدم مبالاته وهدوئه النفسي ، وهو يتحدث عن أعراض مرضه .

* الضغط الانفعالي قبل المرض .

* وجود مكسب ثانوي من وراء المرض .

* تغير الأعراض بالإيحاء .

* اختلاف شدة الأعراض في فترة وجيزة .

* عدم النضج الانفعالي في الشخصية قبل المرض .

* نقص الارتباط بين الأعراض والناحية التشريحية للأعصاب الحسية والحركية ، لأن المريض ليس طبيبا ، والمرض ليس عضويا أصلا ، فنجد نمط فقد الإحساس غير ثابت ن وفقد الإحساس لا يتطابق مع التوزيع التشريحي ... وهكذا .

علاج الهستيريا : 

فيما يلي أهم ملامح علاج الهستيريا :

1 – العلاج النفسي للهستيريا : 

وهو أهم أنواع العلاج في هذا المرض لأنه يتناول تركيب الشخصية بهدف تطويرها ونموها ، وقد يستخدم الأخصائي التنويم الإيحائي لإزالة الأعراض . ويلعب الإيحاء والإقناع دورا هاما هنا ، ويستخدم التحليل النفسي للكشف عن العوامل التي سببت ظهور الأعراض والدوافع اللاشعورية وراءها ومعرفة هدف المرض . ويقوم المعالج بالشرح الوافي والتفسير الكافي للأسباب ، ومعنى الأعراض . وكذلك يفيد العلاج التدعيمي ومساعدة المريض على استعادة الثقة في نفسه ، وتعليمه طرق التوافق النفسي السوي ، والعيش في واقع الحياة . ويستخدم العلاج الجماعي خاصة مع الحالات المشابهة ، ويجب أن يعمل المعالج باستمرار على إثارة تعاون المريض وتنمية بصيرته ومساعدته في أن يفهم نفسه ، ويحل مشكلاته ، ويحاربها بدلا من أن يهرب منها ، ويقع ضحية لها .

2 – الإرشاد النفسي للوالدين والمرافقين كالزوج أو الزوجة : 

وينصح بعدم تركيز العناية والاهتمام بالمريض أثناء النوبات الهستيرية فقط ، لان ذلك يثبت النوبات لدى المريض لاعتقاده أنها هي التي تجذب الانتباه إليه .

3 – العلاج الاجتماعي والعلاج البيئي لحالات الهستيريا : 

ويتجه إلى تعديل الظروف البيئية المضطربة التي يعيش فيها المريض بما فيها من أخطاء وضغوط أو عقبات حتى تتضمن حالته ، وبذلك يتمكن المريض من التغلب على العقبات بطريقة أقرب إلى الواقع  وفي بعض الأحوال قد تضطر إلى إبعاد المريض عن الجو الذي يثبت العرض بعض الوقت 

4 – العلاج الطبي لأعراض الهستيريا :

وفي ذلك أيضا حفظ لماء وجه المريض ، ويستخدم علاج التنبيه الكهربائي أو علاج الرجفة الكهربائية . وفي بعض الأحيان يلجأ المعالج إلى استخدام الدواء النفسي الوهمي Placebo ، ويفيد فائدة كبيرة .

مآل الهستيريا :

 يلاحظ أن حوالي ( 50 % ) من مرضى الهستيريا يتم شفاؤهم تماما مع العلاج المناسب ، وأن حوالي ( 30 % ) يتحسنون تحسنا ملحوظا ، وأن حوالي ( 20 % ) يتحسنون تحسنا بسيطا أو تستمر معهم الأعراض .

 وعلى العموم يكون مآل الهستيريا أفضل : كلما كان بدء المرض فجائيا وحادا واستمر لمدة قصيرة قبل بدء العلاج ، وكلما كان المكسب من وراء المرض ليس كبيرا ، وكلما كانت العلامات الشخصية والأسرية سليمة نسبيا ، وكلما كان المريض متوافقا مهنيا .

No comments:

Post a Comment

اكتب تعليق حول الموضوع

mcq general

 

Search This Blog